للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَسُلِّمَ ابنُ ساوى إلى مماليك علاء الدين، فأُخرج من دار الوزير، وفي رقبته حَبْلٌ وهو مكتوفٌ، فقتلوه وأحرقوه، وكان لابنِ مهدي مملوكٌ عاقل يقال له: آق سُنْقُر الدَّوادار، وكان يطالع الخليفةَ بأخبارِ ابنِ مهدي، وأَنَّه يكاتب الأعاجم، ويسعى في فساد الدولة، وعلم الوزير، فسقاه السُّمَّ، فمات في ربيع الآخر [هو وعلاء الدين] (١) تنامش في أيامٍ قريبة، فكتَبَ محمدُ بنُ جميل كاتب المخزن إلى الخليفة [أبياتًا يذكر فيها ابن مهدي وابن ساوى وعلاء الدين والدوادار] (١): [من الكامل]

هذا ابنُ مهدي قد أتى من بعد ما … طافت عليه من النُّحوس طوائِفُ

واسْتَوْعَبَ الأعمال مُقْتَطِعًا لها … جَهْرًا وذلك ظاهرٌ متعارَفُ

وأقام يُحْدِثُ في الرَّعِيَّة سيرةً … ما سارها إلا غشومٌ عاسِفُ

متخيِّرًا مِثْلَ ابنِ ساوةَ ناظرًا … متجبرًا ممن عليه يشارِفُ

فمضى ابنُ ساوةَ هالكًا من بعد ما … تمَّتْ عليه من العذاب طوائفُ

أتنامش يا مَنْ نمته مراحمٌ … نبويةٌ وصفت عليه عوارفُ

كيف استجازَ الخارجيُّ وَرَهْطُهُ … أَنْ يطمعون وأنتَ فيهم عارِفُ

وكذا الحِمامُ أتى إلى أَق سُنْقُر الـ … ـمسْكينِ إذْ هو بالدَّسائس عارِفُ

ومتى شَرَعْتُ أرومُ حَصْرَ صفاتِهِ … ضاقَ الزَّمانُ وكل عنها الواصِفُ

فقبض الخليفة على ابن مهدي في جمادى الأولى.

الحسن بنُ أبي طالب (٢)

شرف الدَّين، النَّاقد بن قنبر.

ولاه الخليفة حِجْبة الباب، وناب في الوزارة، ثم ولاه صاحب المخزن، فتجبَّر وطغى، وبنى بدرب المطبخ دارًا تناهى في بنائها، فلم يكن ببغداد مِثْلُها، وشَرَعَ في الظُّلْم والفِسْق، وتجاهَرَ به، ومدَّ عينه إلى أولاد النَّاس، وكان قبيحَ السِّيرة، فَرُفِعَ أمره


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) له ترجمة في "المذيل على الروضتين": ١/ ١٨٨، وفيه تتمة مصادر ترجمته.