للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكفاني، وخُتم عليها، ورُفعت إلى عليِّين ليكمل لي بها ثوابُها يوم القيامة، فقلت لها: أفلهذا كنت تعملين أيامَ الدنيا؟ فقالت: وما هذا عند ما رأيتُ من كرامة الله لأوليائه؟ قلت: فما فعلت عبيدة بنتُ أبي كلاب؟ فقالت: هيهاتَ هيهاتَ، سبقتنا والله إلى الدرجات العُلَى. قلت: بمَ ذلك، وقد كنتِ عند الناس أكبر منها؟ قالت: لأنها لم تكن تبالي على أيِّ حال أصبحتْ من الدنيا وأمستْ، فقلت: فما فعل أبو مالك [تعني ضَيغمًا] (١) قالت: يزور الله متى شاء. قلت: فما فعل بِشْر بنُ منصور؟ قالت: بخ بخ! أُعطي والله فوق ما كان يُؤمِّل، فقلت: مُرِيني بأمرٍ أتقرَّب به إلى الله قالت: عليك بكثرة ذِكْره، أَوْشَكَ أن تغتبطي بذلك في قبرك.

وكانت وفاةُ رابعة رحمةُ الله عليها بالبصرة هذه السنة (٢).

زُهرة بنُ مَعبد

ابن عبد الله بن هشام التَّيميُّ، من الطبقة الثالثة من أهل مصر (٣)، كان من الأبدال، وكان يسكن الفُسْطاط، ثم انتقل إلى الإسكندرية، ومات بها.

قال زُهرة: قال لي عمر بنُ عبد العزيز: يا أبا عَقِيل، أين تسكنُ؟ فقلت: يا أمير المؤمنين، الفُسْطاط، فقال: أتسكنُ الخبيثة المُنتنة، وتدع طيبة؛ فإنك تُحصِّل بها الدنيا والآخرة، ولست أعني طيبة بالمدينة، وإنما أعني الإسكندرية، ولولا ما أنا فيه لأحببتُ أن يكون منزلي بها حتى يكون قبري بين ذينك الميناءين.

حدث زهرة عن ابن عمر وابن الزُّبير وغيرهما، وروى عنه المصريون (٤).


(١) ما بين حاصرتين من (د).
(٢) انظر ترجمة رابعة العدوية وأخبارها في الرضا عن الله (٢١)، والمنامات (٥١)، كلاهما لابن أبي الدنيا، وتاريخ بغداد ٢/ ٣٦٥ - ٣٦٦، وصفة الصفوة ٤/ ٢٧ - ٣٠، ووفيات الأعيان ٢/ ٢٨٥ - ٢٨٨، والسير ٨/ ٢٤١ - ٢٤٢.
(٣) في (د) و (خ): من أهل البصرة، وهو خطأ، والمثبت من ابن سعد ٩/ ٥٢١، وفي تاريخ ابن عساكر ٦/ ٤٤٤: مدني سكن مصر.
(٤) المنتظم ٧/ ٣٢٨، وانظر تهذيب الكمال ٣/ ٣٣.