لكم ذنوبًا سترها الله عليكم بالعافية التي البسكم، ولقد كنتم فيما مضى توقرونني وتسمعون كلامي وتعرفون حقي، فأصبحتم اليوم أشدَّ عليَّ من مصيبتي، وذكر كلامًا طويلًا، ثم أعرض عنهم وسجد وقال: إلهي لأيِّ شيء خلقتني؟ ليتك لمّا كرهتني لم تخلقني، يا ليتني كنت حيضة، يا ليتني كنت نسيًا منسيًا، ويا ليتني لم تلدني أمي، وذكر الثعلبي عن وهب كلامًا طويلًا أعرضت عنه لأن فيه نوعَ اعتراضٍ.
[فصل في المدة التي أقام فيها في البلاء]
واختلفوا فيها على أقوال:
أحدها: أنها كانت سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات، قاله ابن عباس وعامة العلماء.
والثاني: ثلاث سنين، قاله وهب.
والثالث: ثماني عشرة سنة، قاله الربيع بن أنس. قال جدي في "التبصرة": وقد رواه أنس بن مالك عن رسول الله ﷺ(١). والأول أشهر لوجهين:
أحدهما: لما ذكر الحسن البصري، فإنه قال: أيوب: تنعمت سبع سنين فابتُليت سبع سنين.
والثاني: أنَّ المريض الَّذي وقف ببابه وردَّه أقام ببابه سبع ساعات فعوقب سبع سنين، وقال الحسن: مكث أيوب على الكُناسة سبع سنين، وكان يأخذ الدودة من الأرض إذا سقطت ويعيدها إلى جسده ويقول: كلي من رزق ربك، اللهم إنْ كان هذا رضاك فشدِّدْ، وإن كان من سخطك فاغفر.
[فصل في سبب سؤاله العافية]
واختلفوا فيه على أقوال:
أحدها: أنَّه اشتهى إدامًا فلم يقدر عليه حتَّى باعت امرأته شعرها، أو قرنًا من
(١) "التبصرة" ١/ ١٩٢، وأخرجه الطبري في تفسيره ٢٠/ ١٠٩، والثعلبي في عرائس المجالس ١٦٢، وانظر الدر المنثور ٤/ ٣٣٠، قال ابن كثير في تفسيره ٣/ ١٨٩: رفع هذا الحديث غريب جدًّا.