شعرها، واشترت له ما طلب، فسبقها إبليس إليه وقال: قد وجدتُ امرأتك مع رجل، وقد قطع شعرها فحينئذ قال: ﴿مَسَّنِيَ الضُرُّ﴾ [الأنبياء: ٨٣]، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أن الله أنساه الدعاء مع كثرة الذكر، فلما انقضى زمان البلاء ألهمه الله الدعاء، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أن نفرًا من بني إسرائيل مروا به فقال بعضهم: ما أصابه هذا إلا بذنب عظيم فعندها دعا، قاله نوف البكالي.
وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: كان له أخوان فأتياه يومًا فوجدا منه رائحة منكرة فقالا: لو علم الله من هذا خيرًا ما بلغ به هذا، فما سمع شيئًا أشدَّ عليه من ذلك فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبتْ ليلة وأنا شبعان وأنا أعلم مكان جائع فصدقني -وهما يسمعان- اللهم إن كنت تعلم أني لم ألبس قميصًا وأنا أعلم مكان عارٍ فصدقني، ثم سجد وقال: اللهم لا أرفع رأسي حتَّى تكشف ما بي فكشف ما به.
والرابع: أن إبليس جاء إلى زوجته بسخلةٍ وقال: قولي له: ليذبحها وقد برأ، فجاءته وقالت: لقيني شيخ من صفته كذا وكذا وذكر كذا وكذا، فعرفه وقال: كدتِ أن تهلكيني، لئن فرَّجَ الله عنِّي لأجلدنك مئة جلدة، أمرتني أن أذبح لغير الله، ثم طردها عنه وبقي وحيدًا ليس معه معين فقال: ﴿مَسَّنِىَ الضُّرُّ﴾، قاله الحسن.
والخامس: أن الله أوحى إليه في عنفوان شبابه: إني مبتليك، فقال: يا رب وأين يكون قلبي؟ قال: عندي، قال: افعلْ ما شئت، فلما ابتلاه قال: إني معافيك، فقال: وأين يكون قلبي؟ قال: عندك، قال ﴿مَسَّنِىَ الضُّرُّ﴾، قاله إبراهيم بن شيبان.
والسادس: أن الوحي انقطع عنه أربعين يومًا فخاف هجران ربه.
والسابع: أن الدود أكل جميع جسده، فلما دبَّ إلى قلبه خاف فقال: ﴿مَسَّنِيَ الضُّرُّ﴾ قاله مقاتل، وكان اثني عشر ألف دودة.
قال جدي ﵀ في هذا المعنى: قال بلسان الحال: يا ربِّ قلبي هو الوكيل المنفق أموال الصبر، فإذا قضي عليه لم يبق للضيف قوت.