للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القاضي، فأبى أن يركبها، وركب حمارَه إلى دمشق [قال ابن عساكر: قرأ القرآن على أبي الحسن بن الأخرم، وقرأ عليه أبو الحسن الربعي،] وكان يسكن بالمنارة الشرقية من جامع دمشق، ويُصلِّي بالناس احتسابًا بغير أجرة، ولا يقبل هديةَ أحد، وكانت له أرضٌ يسيرةٌ بداريا يزرعُها بيده، ويتولَّاها بنفسه، ويطحن دقيقَها بيده، ويخبزه بيده، ويتقوَّت به، وكانت وفاتُه فِي جمادى الأولى بدمشق، ودُفِنَ بالباب الصغير عند أبي الدرداء.

محمد بن أحمد بن محمد (١)

أبو الحسين، الصَّيداوي، الغسَّاني، ويعرف بابن جُميع، طاف الدنيا، وكان زاهدًا متعبِّدًا، قام الليل - وله ثماني عشرة سنة - إلى أن ماتَ وهو ابن سبع وتسعين سنة بصيدا، وأجمعوا على صدقه وثقته.

[السنة الثالثة وأربع مئة]

فيها فِي يوم الجمعة سادس عشر مُحرَّم قُلِّد الراضي أبو الحسن الموسوي نقابة الطالبيين فِي سائر الممالك، وورد له عهدٌ من بهاء الدولة من أَرَّجان، وقُرِئ فِي دار فخر الملك بمحضرٍ من القضاةِ والفُقهاءِ والأماثِل ووُجوهِ الدَّيلمِ والأتراك. وقيل: إنه خُلِعَ عليه خِلْعةٌ سوداءُ، وهو أولُ طالبيِّ خُلِعَ عليه السَّواد.

وفيها خرج فخر الملك إلى النَّهْروان، وكان قد انفتح بَثْقُ اليهودي، فكادتِ البلادُ تغرق، فبات ساهرًا طول ليلتِه، وحمل التراب والقصب على رأسه حتَّى أحكمه، وجرى الماء مجراه بالنَّهروان، فغَلَّتِ البلادُ فِي هذه السنة بضعةَ عشر ألف كُرِّ (٢)، وخمسين ألف دينار.

[وفيها] ورد الخبر بأنَّ أبا فُليتة [بن القوي] سبق الحاجَّ إلى واقصة فِي ست مئة رجل من بني خفاجة، فَنَزَح الماء من مصانع البرمكي والريان، وغوَّرها، وطرح الحنظل فِي الآبار، وأقام يرصدهم، فلمَّا وردوا العقبة فِي يوم الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلةً خلَتْ من


(١) تنظر مصادر الترجمة فِي السير ١٧/ ١٥٢.
(٢) الكُرّ: ما يقارب ١٥٨٣ كغ، وقد تقدم.