[الباب التاسع في ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان]
وكنيتُه أبو خالد، وأمُّه عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
بُويع في اليوم الذي مات فيه عمر بن عبد العزيز ﵁ يوم الخميس (١) لخمس ليال بقين من رجب، بعهدٍ من أخيه سليمان، وكان يومَ وليَ ابنَ تسع وعشرين سنة، وقيل: سبع وعشرين، وكان أبيضَ جسيمًا متكبِّرًا عاجزًا، صاحب لهو وشراب ولذَّات، وهو صاحب حَبَابة، بالتخفيف، وسَلَّامة، بالتشديد، وهما قَينتان غَلَبَتا عليه، فاشتغلَ بهما عن النَّظَر في أمور الرعيَّة.
ذكر ما بدأ به:
نقض جميع مابناه عُمر بن عبد العزيز ﵁، وأعاد سبَّ أمير المؤمنين ﵇، وأعاد الغُصوب التي انتزعَها عمر ﵁، وأماتَ المعروف، وأحيا المنكر.
وكان سليمان بن عبد الملك يقول: لولا أخاف اختلاف الأمر علي بني أميَّة لاقتصرتُ على عُمر، ولم أولِّ يزيد، ولفوَّضت الأمرَ إلى عُمر يولِّي من شاء.
وكان عمر بن عبد العزيز ﵁ يقول: لولا خوف الفتنة لعزلتُ يزيد، ولكني أُولّي سليمان ما تولَّى، والمسلمون أولى بالنظر لأنفسهم.
وقال الهيثم: لما توفي عمر بن عبد العزيز ﵁ قال يزيد بن عبد الملك في نفسه: ما سكتَ عُمر عن تولية العهد لغيري إلا لحسن ظنِّه بي، وأنه رآني أهلًا لها بعده، وإلا فقد كان قادرًا على صرفها عني وعن بني مروان كلِّهم، لأنَّ النَّاس لا يخالفونه.
فلزم يزيد التنسُّك والعبادة، وجرى على أسلوب عُمر في الصَّلاة بالنَّاس، وردِّ المظالم، فأقام على ذلك أربعين يومًا لا تفوتُه صلاة في جماعة، وهجر حَبَابة وسَلَّامة وغيرَهما من القينات.
(١) في "مروج الذَّهب" ٥/ ٤٤٦، و "تاريخ دمشق" ١٨/ ٣٣٨ (مصورة دار البشير): يوم الجمعة.