للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العربُ في الذئب ولك هذا الخاتمُ وشراؤه ألفٌ وستُّ مئةِ دينار، فقال: [من الطويل]

ينام بإِحدى مُقلتيه ويتَّقي … بأُخرى المنايا فهو يقظانُ نائمُ (١)

فقال الرشيد: ما ألقى اللهُ هذا على لسانك إلَّا لذهاب الخاتَم، ورمى به إليه، وبلغ أمَّ جعفر، فبعثتْ إلى المفضَّل بألف وستِّ مئة دينارٍ وأخذته وبعثتْ به إلى الرشيد، وقالت: كنت أراك تُعجب به، فألقاه إلى المفضَّل وقال: خذْه وخذ الدنانير، فما كنت لأهبَ شيئًا وأرجعَ فيه.

قال المصنِّف : ورأيتُ في كتاب "الخواصّ" أنَّ العينَ التي (٢) يفتحها الذئبُ إذا نام، إذا عَلِقت على إنسانٍ لا ينام أبدًا، وأن العينَ التي ينام بها إذا علقت على إنسانٍ لا يزال نائمًا.

وعَبَرَ المفضَّل على المهديِّ وهو لا يملك درهمًا وعليه عشرةُ آلافِ درهم، فقال: يا مفضَّل، ما أفخرُ بيتٍ قالته العرب؟ قال: قولُ الخنساء: [من البسيط]

وإنَّ صخرًا لَتأتمُّ الهُداةُ به … كأنَّه عَلَمٌ في رأسه نارُ (٣)

فالتفت إلى إسحاقَ بن بَزيعٍ وقال: فيما قلت لك (٤)، قال المفضَّل: فقلت: الصوابُ مع أمير المؤمنين، ثم قال: يا مفضَّل، كيف حالُك؟ قلت: كيف حالُ مَن لا معه درهمٌ وعليه عشرةُ آلاف درهم؟! فقال: يا إسحاق، أَعطِه عشرةَ آلاف لدَينه، وعشرةَ آلاف يُصلح بها حاله، وعشرةَ آلاف يُعدُّها لدهره.

سمع المفضَّلُ سِمَاكًا وغيرَه، واتَّفقوا على صدقه وثقتِه وفضله.

أبو عبدِ الله الخُرَيبي البصريُّ الزاهد

يُنسب إلى الخُرَيبة محلَّةٍ بالبصرة. كان صيادًا يتقوَّت من صيده، لا يقبل بِرَّ أحد.

قال إبراهيمُ بن شبيبِ بن شيبة (٥): كنا نتجالس في الجُمُعة، فأتى رجلٌ عليه ثوبٌ


(١) البيت لحميد بن ثور الهلالي، وهو في ديوانه ص ١٠٥ برواية: هاجع، بدل: نائم.
(٢) في (خ): الذي.
(٣) الديوان ص ٤٩.
(٤) في الأغاني ١٦/ ٢١: قد قلت له ذلك فأباه. ومثله في تاريخ دمشق ٦٢/ ٥٠٦.
(٥) في (خ): شبة، والمثبت من المنتظم ٨/ ٣٤١، وصفة الصفوة ٤/ ٩.