للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها قليلًا ولا كثيرًا، وما رُؤي في يده كتابٌ قط.

قال الخطيب: وسألَه ابنُ أبي دؤاد، أتعرف [في اللغة "استوى"] (١) بمعنى استولى؟ قال: لا (٢)، ولا تعرفُه العرب؛ لأنَّها لا تقولُ: استولى فلانٌ على الشيء حتى يكونَ له فيه مُضَادٌّ أو منازع، فأيُّهما غلبَ استولى عليه، والله تعالى لا ضدَّ له. وأنشد النابغة: [من البسيط]

إلَّا لمثلكَ أو مَنْ أنتَ سابقُه … سبقَ الجوادِ إذا استولَى على الأمَدِ (٣)

وكان خصيصًا بالمأمون، وهو الذي سألَه المأمون عن أحسنِ ما قيل في الشراب، فقال (٤): [من الطويل]

تريكَ القَذَى مِنْ دونها وهيَ دونَه … إذا ذاقَها من ذاقَها يتمطَّقُ (٥)

فقال المأمون: أشعرُ منه من قال: [من المديد]

وتمشَّت في مفاصِلهم … كتمشِّي البُرْءِ في السَّقمِ

يريد أبا نواس (٦).

مات ابنُ الأعرابي بسرَّ من رأى في هذه السنة، وقيل: في سنة إحدى وثلاثين ومئتين، وصلَّى عليه أحمدُ بن أبي دؤاد، وحدَّثَ عن أبي معاوية الضرير وطبقته، ورَوى عنه إبراهيم الحربيّ وغيره، وكان أوثقَ الناسِ، وهو الذي رَوى حديث أمِّ زرع، وتوفي في شعبان وهو ابنُ ثمانين سنة.

محمَّدُ بن عَائذ

صاحب المغازي والفتوح، أبو عبد الله، الكاتبُ الدمشقيُّ، صنَّف "الصوائف"


(١) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد ٣/ ٢٠٤.
(٢) ها هنا انتهى جواب ابن الأعرابي لابن أبي دؤاد، وما بعده هو من جوابه لرجل آخر. وانظر تاريخ بغداد ٣/ ٢٠٤.
(٣) ديوان النابغة ص ٢١.
(٤) قائله الأعشى. والبيت في ديوانه ص ٢٦٩.
(٥) في (خ) و (ف): يتمنطق. والمثبت من ديوان الأعشى، وتاريخ بغداد ٣/ ٢٠٤.
(٦) ديوانه ص ٥٣٧.