للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا قيامًا، فكان فيه نيِّف وأربعون ألفَ مِحْبَرة سِوى النَّظَّارة [قال:] وتوفي ببغداد لسبع خلون من المحرَّم، وله اثنتان وتسعون سنة، وحُمل إلى البصرة فدُفن بها.

سمع محمَّد بن عبد الله الأنصاريَّ وخلقًا كثيرًا، وروى عنه البغويُّ وخلقٌ كثير.

واتَّفقوا على صدقه وثقته.

وكان قد نذر أنَّه إذا حدَّث تصدَّق بألف دينار (١)، فلمَّا فرغوا من سماع السُّنن عليه، عمل مأدُبةً للمحدّثين، أنفق فيها أَلْف دينار.

وقال: شهدتُ اليوم على رسول الله فقَبل قولي، ولو شَهِدتُ وحدي على دَسْتَجة (٢) بَقْلٍ لاحتجتُ إلى شاهد آخر يشهد معي، أفلا أصنع شكرًا لله تعالى.

وكان جوادًا مُمدَّحًا؛ مدحه البحتريُّ بقصائد منها: [من الخفيف]

ولعمري لئن دعوتكَ بالجو … دِ لَقِدْمًا لبَّيتني بالنَّجاحِ

خُلُقٌ كالغمامِ ليس له بَرْ … قٌ سوى بِشْرِ وَجْهِك الوضَّاحِ

ارتياحًا للطَّالبين (٣) وبَذْلًا … والمعالي للباذلِ المُرْتاحِ

وحكى الصُّوليُّ عن الكجِّيِّ أنَّه سمع شعرًا (٤) من بعض الجنِّ في الحمَّام بالبصرة، ثم سأل الحمَّاميَّ فقال: نعم، هذا جِنِّيٌّ يتراءى لنا في كلّ وقت، وينشد: [من الخفيف]

أيُّها المُذنِبُ المفرِّطُ مَهْلًا … كم تمادى وتركبُ الذَّنبَ جَهْلا

كم وكم تُسْخِطُ الجليلَ بفعلٍ … سَمِجٍ وهْو يُحسن الصُّنع فعلَا (٥)

كيف تَهدا جفونُ مَن ليس يدري … أَرَضي عنه مَن على العرش أم لا

[إدريس بن عبد الكريم]

أبو الحسن، الحدَّاد المُقرئ.

ولد سنة تسع وتسعين ومئة، ومات ببغداد يوم الأضحى وهو ابنُ أربع وتسعين سنة.


(١) الذي في تاريخ بغداد ٧/ ٣٧، والمنتظم ١٣/ ٣٤، وتاريخ الإِسلام ٦/ ٩١٢: بعشرة آلاف درهم.
(٢) الدَّسْتَجة: الحزمة، تاج العروس.
(٣) في (خ): للنادلين، والمثبت من ديوانه ١/ ٤٥٩، وتاريخ بغداد ٧/ ٣٩.
(٤) في (خ): وسمع الكجي شعرًا، والمثبت من (ف) و (م ١).
(٥) في (ف): وهو يحسن الصنيع يجزيك فعلًا، وفي (م ١): وهو يحسن إليك أبدًا فضلًا، والمثبت من (خ).