للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفيها توفي]

المُبَرِّد

[واسمه] محمَّد بن يزيد بن عبد الأكبر بن عُمير بن حسان بن سُليم بن سعد بن عبد الله بن زيد بن مالك بن الحسن بن عامر (١) بن عبد الله بن بلال بن عوف، وعَوف هو ثُمالة بن أسلم، قبيلة من الأزد بن الغَوْث، أبو العبّاس، النَّحويُّ، البصريُّ، الأزديُّ، الثُّماليُّ، إمام أهل النَّحو واللُّغة والعربية بالبصرة.

ولد سنة ستٍّ ومئتين، وقيل: سنة عشر ومئتين، وسُئل: لِم سمّيت المبرِّد؟ فقال: طَلَبني عاملُ البصرة، فخِفت منه، فدخلت على أبي حاتم السّجِسْتاني، فجاء رسولُ العامل يَطلبني، فقال أبو حاتم: ليس هو عندي، وجعل يصفِّق ويقول: المبرِّد المبرِّد، وتسامع الناس بذلك فلَهَجوا به، والمُزَمَّلَة يُبرَّد فيها الماء (٢).

قدم بغداد وأقام بها، ولقي الأئمةَ، وأخذ عنهم، وأخذوا عنه، وكان حسنَ المحاضرة، مَليحَ الأخبار، كثيرَ النَّوادر.

وقال أبو عبد الله بن المفجَّع: كان المبرِّد لعِظم حِفْظِه اللغة، واتّساعه فيها يُتَّهم بالكذب، فتواضعنا على مسألةٍ لا أصل لها، فأرسلنا إليه فجاء، فقلنا له: أيَّدك الله، ما القِبَعْضُ؟ فقال على البديهة: القُطن، وأنشد [من الوافر]:

كأنَّ سنامها حُشِيَ القِبَعْضا (٣)

فعجبنا وقلنا: إن كان صَحيحًا فهو عَجب، وإن كان اختلقَ الجواب فهو أعجب.

[وحكى الخطيب (٤) عن] المازني قال: قلت للمبرد: [يا أبا العباس]، بَلَغني أنَّك تَنصرف من مجلسنا فتصير إلى المارستان، فتجلس إلى المجانين، فقال: نعم، إنَّ لهم طرائفَ من الكلام، وعجائب من الأقسام، فقلتُ له: أخبرني بأعجب ما رأيت منهم، فقال: دخلتُ يومًا عليهم، فرأيتُ أحوالهم في العلاج مُختلفة على مقدار بليَّتهم،


(١) في تاريخ بغداد ٤/ ٦٠٣، وتاريخ دمشق ٦٥/ ٢٦١: ابن الحارث بن عامر …
(٢) في المنتظم ١٢/ ٣٨٩: فجاء رسول العامل يطلبني فقال لي أبو حاتم: ادخل في هذا، يعني غلاف المزملة فارغ، فدخلت فيه وغطى رأسه ثم خرج إلى الرسول فقال: ليس هو عندي …
(٣) تاريخ بغداد ٤/ ٦٠٤، ونزهة الألباء ص ٢٣، ومعجم الأدباء ١٩/ ١١٣.
(٤) في تاريخه ٤/ ٦٠٧ - ٦٠٩. وما بين معكوفين من (م ١).