للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجمعَ الله بينك وبين إنسان فقل: يا جامعَ الناس ليوم لا ريبَ فيه، اجمَع بيني وبين كذا وكذا، فإنَّ الله يَجمعُ بينك وبين ذلك الشيء أو ذلك الإنسان.

قال: وجئتُ إلى الكَتَّاني فودَّعتُه، وقلتُ له: زَودني، فأعطاني فَصًّا عليه نقشٌ كأنَّه طِلَّسم فقال: إذا اغتَمَمتَ فانظر إلى هذا فإنَّه يَزول عنك، فانصرفتُ، فما دعوتُ الله تعالى بتلك الدَّعوة إلا استُجيب لي، ولا رأيتُ الفَصَّ وقد اغتَمَمت إلا زال عنِّي غَمِّي.

فبينا أنا ذات يومٍ قد توجَّهتُ أعبرُ إلى الجانب الشرقي ببغداد، إذ هاجت ريحٌ عظيمة، وأنا في سُماريَّة والفَصُّ في جيبي، فأخرجتُه لأنظرَ إليه فوقع من يدي، فلا أدري أين ذهب في دجلة أو في السفينة؟ فاغتمَمتُ غَمًّا شديدًا، ودعوتُ الله بالدَّعوة، وعَبَرتُ دجلةَ، وما زلتُ أدعو بها أيامًا، فلمَّا كان في بعض الأيام أخرجتُ صُندوقًا لي فيه ثيابي لأُغير منها شيئًا، ففرَّغتُ الصُّندوقَ، وإذا بالفَصِّ في أسفل الصندوق، فأخذتُه وحَمِدتُ الله على رجوعه.

[عمر بن محمد]

ابن يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حَمَّاد بن زيد بن درهم، أبو الحُسين، القاضي، الأزْدي، المالكي (١).

ناب عن أبيه وهو ابن عشرين سنةً، ثم توفي أبوه فأقام على القضاء إلى آخر عُمُره، وكان حافظًا لكتاب الله، عارفًا بفنون العلوم والفرائض والحساب واللغة والنحو والشعر والحديث، صنَّف "المسند" وغيره.

وكان عددُ شهوده ألفًا وثمان مئة، ليس فيهم مَن استُشهِد إلا لفَضْلٍ أو دِين أو مالٍ أو شَرَف.

وكان دميمَ النَّفْس (٢)، شريفَ الأخلاق، وكان أبوه يقول: ما زلتُ مُرَوَّعًا من مسألةٍ تجيئني من السلطان حتى نشأ أبو الحسين.


(١) أخبار الراضي ١٤١، وتكملة الطبري ٣٢٠، وتاريخ بغداد ١٣/ ٨١، والمنتظم ١٣/ ٣٨٩، والكامل ٨/ ٣٦٤، ومعجم الأدباء ١٦/ ٦٧، وترتيب المدارك ٢/ ٢٧٨، وتاريخ الإسلام ٧/ ٥٥٣. وهذه الترجمة ليست في (ف م م ١).
(٢) كذا في (خ)؟! وقد أجمع مترجموه على مدحه، فلعلها: كريم النفس.