فيها في المحرَّم انحدر أبو طاهر بن بَقيَّة إلى واسِط والبَصْرة على اتِّفاقٍ بينه وبين عزِّ الدولة في أن يجمع الأموال، ويَسْتَظهرا بها من معاودة عَضُد الدولة، لما تحدِّثُه به نفسه من العَوْد إلى العراق، فلما وصل إلى واسِط جاهر عضدَ الدولة بالقَبيح قولًا وفعلًا، وخلع على الجند، ونَصب لهم المَوائد، وجدَّد العهدَ بينه وبين عمران بن شاهين، واستظهر بذلك على عزّ الدولة أيضًا.
ثم أصعد إلى بغداد في شعبان، والتقاه عز الدولة، وخلع عليه بعد دخوله، وتجدَّدت بينهما وَحْشة لأن أبا طاهر كان يخافُه، ويُسيءُ به الظنَّ، وكان عزُّ الدولة معه كالمَحْجور عليه، فكان يرى القبيحَ فيه.
وكان عز الدولة قد أشار عليه طائفة من العَسْكر بقَبْضِ أبي طاهر بالبصرة وواسط، ولم يتَّفِق له ذلك حينئذٍ، فلما عاد إلى بغداد علم باستمالته للدَّيلم والأتراك بالمال، وبما ملأ عيونهم حتى شَغَبوا بعضَ الشَّغَب، فعاتبه عز الدولة، فأنكر وأظهر له خلافَ ذلك، وأقام على هذه الوَحْشة، وكان رأس المشغبين سَهْلَ بنَ بِشر ضامنَ الأهواز، فاحتال عليه ابن بقية حتى حصل في يده فقتله.
وفي جمادى الأولى اتفق الحال بين عز الدولة وأبي يعقوب الهَجَري، على أن يُقْطعه عز الدولة من سَقْي الفرات ما ارتفاعه أربع مئة ألف درهم، وكتب له عز الدولة كتابًا بذلك، وقصد أن يتألَّفه، ويؤمّن السُّبُل للحاج وغيرهم، واستفتى الفقهاء فأفتَوْه بذلك.
وفيها كتب ركن الدولة كتابًا إلى عَضُد الدولة يُعَرِّفه فيه كِبَرَ سِنِّه، وقُرْبَ ما يتوقَّعُه من أمر الله تعالى الذي لا بُدَّ منه، وإيثاره قبل نزول ذلك مُشاهدتَه، والخروجَ بما في نفسه إليه، واتَّفقا على أن يجتمعا في أصبهان.
وسار رُكنُ الدَّولة من الرَّيِّ، وعضد الدولة من شِيراز ومعه أبو الفوارس وأبو كاليجار ولده، ووزيره المطهر بن عبد الله، والتقَوا بأصبهان في ربيع الآخر، وحضر ركن الدولة وأولاده أبو منصور مؤيَّد الدولة، وأبو الحسن فخر الدولة، وأبو العباس