خسروفيروز، وأبو الفتح بن العَميد، وخَدَم عضدُ الدولة أباه خدمةً أبان فيها عن بِرِّه، وأوسع الصلات على إخوته وأصحابِ ركن الدولة وحاشيته.
واتفق ركن الدولة مع عضد الدولة، وقسم ركن الدولة البلاد والممالك بين أولاده، فجعل لعَضُدِ الدولة فارس وأرَّجان وكَرْمان، ولمؤيَّد الدولة الرَّيّ وأصبهان، ولفخر الدولة هَمَذان والدِّينَور، وجعل أبا العباس في كَنَف أخيه عضد الدولة، وأوصاه به، وكتب وصيَّته بما توافق عليه الإخوة، وكانت الوصيَّةُ بخطِّ أبي الفتح بن العميد إلى عضد الدولة، وأن يَنظُرَ في جميع الممالك، وأوصى كلَّ واحد منهم بأن لا يخرج عن طاعة الآخر، ومضمونها:
هذا عهدٌ عَهِده ركن الدولة إلى عضد الدولة ولده، مُستخيرًا لله فيما يأتيه، راجعًا إليه فيما يُدَبِّرُه ويَقضيه، مُهتديًا به فيما يأمر به ويُمضيه، ومَن يَعتمد على الله يَهدِه ويَكفيه، حين رأى ولَدَه عضدَ الدولة أكفأ مَن استكفاه، وأوفر مَن استرعاه، وأولى مَن عَهِد إليه واعتمد في أموره عليه، وعَصَب برأيه نواصي أموره، وألقى إلى عَزْمِه أزِمَّة تدبيره، ارتضاه للنَّظر في أمور ممالكه ووُلاتها، وبلاده وحُماتها، مُشيرًا ومُستندًا، ومؤازرًا ومُنْفَردًا … وذكر الأماكن التي وقع عليها التَّعيين، وشَرط أن لا يُنازع أحدٌ صاحبَه فيما أُفرد به، ووقعت الشَّهادةُ على الإخوة بمَحْضَرٍ من القُضاة والعُلَماء والأشراف والقُوَّاد والأعيان، وفي آخر الكتاب: وكتب ذو الكِفايتَين أبو الفتح بن العَميد في رجب من هذه السنة.
وفيها في رجب جلس قاضي القُضاة أبو محمد بن معروف في دار عزِّ الدولة، ونظر في الأحكام؛ لأن عز الدولة اقترح عليه ذلك ليُشاهد حُكمَه، وما يجري في مجلسه (١).
وفيها مات ابن الشمشقيق ملك الروم.
وفيها سار ركنُ الدولة إلى الرَّيّ، وعاد عضد الدولة إلى شِيراز فقدمها في شعبان.
وفيها مات المعزُّ صاحبُ مصر، وسنذكره في موضعه إن شاء الله تعالى.