للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا خيرَ في حِلْمٍ إذا لم يكن له … بَوادِرُ تحمي صَفْوَهُ أن يُكَدَّرا

ولا خيرَ في جَهلٍ إذا لم يكن له … حَلِيمٌ إذا ما أوْرَدَ الأمرَ أصدَرا

فقال رسول الله : "لا يفضض الله فاك" مرتين (١)؛ فعاش مئة وعشرين سنة، وكان من أحسن الناس ثَغْرًا، وللنابغة صُحبة ورواية.

[السنة الثمانون من الهجرة النبوية]

اختلفوا فيها؛ هل كانت غزاة عُبيد الله بن أبي بَكْرة بلاد التُّرك في هذه السنة، أم في سنة تسع وسبعين؟ [على قولين].

وكان الحجاج قد ولَّى عُبيد الله سِجستان، قال المدائني: لما قدم (٢) ابن أبي بكرة سجستان لم يُؤدّ إليه رُتْبيل (٣) ما كان يُؤدّيه إلى العمال قبلَه من الإتاوة -وهي الخراج- فكتب إلى الحجاج يُخبره، فكتب إليه: اغزُهم، وبعث إليه من أهل الكوفة (٤) عشرين ألفًا، عليهم شُرَيْح بن هانئ، فأوغل عبيد الله في بلاد التُّرك، وغنم غنائم كثيرة، فقال له شريح: قد غنمنا وسلمنا وذلَّ عدوُّنا، فارجع بنا ونحق ظاهرون، فلم يلتفت إلى قوله.

وسار حتى قَرُب من كابُل، وتفَرّق أصحابُه في شِعاب ضَيّقة، يطلبون النَّهب والعَلَف فأخذ عليهم رُتبيل الطُّرُق، وعلم عبيد الله، فأرسل إلى رُتْبيل يسأله الصُّلح، وأن يُخلّي بينه وبين الخروج، ويعطيه ابنُ أبي بَكْرة عِدَّةً من وجوه أصحابه رهائن، ومن ولده ثلاثة وهم: الحجاج ونهار وأبو بكرة بنو عبيد الله، وسبع مئة ألف درهم، وأنه لا يغزوه أبدًا، ولا يأخذ منه خراجًا.

وعلم شُريح بن هانئ فقال له: يا ابن أبي بَكْرة، اتّقِ الله، ولا تشتر الكفر بالإيمان وزيادةِ سبع مئة ألف درهم، وأعيانِ ولَدك والمسلمين رهائن، ثم تشترط على نفسك


(١) "الأغاني" ٥/ ٨، و"المنتظم" ٦/ ٢٠٨.
(٢) في (ص) و (م): وقد ذكر المدائني لما قدم.
(٣) هو ملك الترك.
(٤) في (ص): البصرة، وهو خطأ، انظر "تاريخ الطبري" ٦/ ٣٢٢، و"أنساب الأشراف" ٦/ ٤٢١، و"المنتظم " ٦/ ٢٠٣.