للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعلويين، ونفقةٍ برسوم كانت لهم، وخلا ابنُ أبي هاشم بالرسولين، وسألهما عمَّا شاهداه، فقالا: ما بقيَ هناك ما يُستند إليه، ولا يُعوَّل عليه، والأحوال قد فسدَتْ، والأموال قد ذهبَتْ، والرجال قد قُتلوا، وخلَتِ البلاد. فقال ابنُ أبي هاشم لبني عمه: قد علمتُم الحال. وورد عليه كتاب سلار الحاج الخراسانية أنه قد فصل الأمر مع السلطان، والمهر عشرة آلاف دينار، فقال لرسول مصر: السلطانُ قاصدٌ العراق، وأخاف منه، فأجروا الخطبة لكم حتى نُبصر ما يكون. ودفع به، وأخذ المال والخِلَع، وبطل خطبة المصريين، وخطب للمقتدي ولملكشاه.

وفيها خطب أتْسِز للمقتدي على منبر دمشق، وكان بها الأمير وزير الدولة لمَّا هرب مُعلَّى بن حيدرة بن منزو، فاجتمعت المَصامدة (١) على وزير الدولة انتصار بن يحيى، فاختاروه لِحُسن سيرته، فغلَتِ الأسعارُ بدمشق [وأكل الناس الميتات، ووقع بين المصامدة والأحداث] (٢)، وكان أتْسِز قد أخرب ظاهرها خرابًا كليًّا، وضيَّق على أهلها، فراسلهم في الصلح، فاستوثقوا منه بالأيمان، ودخلها في ذي القعدة واستولى عليها، وحلَّ بأهلها منه قوارعُ البلاء، ونزل أصحابُه في دورهم، وأخذوا حريمهم، وصادرهم بحيث لم يُبقِ مع أحدٍ منهم درهمًا، واتَّصلت دعوات الناس عليه وعلى أصحابه في المساجد، ثم إنه نظر في عمارة البلاد لا في عمارة دمشق، فأطلق الغِلال للفلاحين، وألزمهم الزراعات، فرخصتِ الأسعار، وطابت نفوس الرعية.

وفيها تُوفي

أحمد بن علي (٣)

ابن محمد بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، أبو الحسين، جلال الدولة، قاضي دمشق، في أيام المستنصر، وهو آخر قضاة المصريين بدمشق، قال يومًا وعنده [أبو] (٤) الفتيان بن حَيُّوس: وددتُ أني في الشجاعة


(١) المَصامِدة: قبيلة من المغاربة. تاريخ الإسلام ١٠/ ١٥١.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب).
(٣) تاريخ دمشق ٥/ ٧١ - ٧٢.
(٤) ما بين حاصرتين سقط من الأصل (خ)، واستُدرك من تاريخ الإسلام ١٠/ ٢٥٧ والنجوم الزاهرة ٥/ ١٠٢، وغيرهما.