للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يقول: يا أصحابنا، لا تشتغلوا بعلم الكلام، فلو عرفتُ أنَّ الكلام يبلغ بي إلى ما بلغ ما اشتغلتُ به.

وقال محمَّد بن علي تلميذ أبي المعالي الجويني: دخلتُ عليه في مرضه الذي مات فيه وأسنانه تتناثر من فيه، ويسقط منها الدم والدود، ولا يستطاع شمُّ فيه، فقال: هذه عقوبة اشتغالي بالكلام فاحذروه.

وكانت وفاته ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من ربيع الآخر عن تسع وخمسين سنة بظاهر نيسابور، ثم نُقل إلى داره بعد سنتين إلى مقبرة الحسين، فدُفن إلى جانب أبيه، وكان أصحابه المقتبسون من علمه نحوُ أربعِ مئة يطوفون في البلد وينوحون عليه.

علي بن عبد السَّلام بن محمَّد (١)

أبو محمَّد (٢) الأرمنازي ولد سنة سبع وتسعين وثلاث مئة، وسمع الحديث، وكان فاضلًا شاعرًا، فمن شعره: [من الطَّويل]

ألا إنَّ خيرَ النَّاسِ بعدَ محمدِ … وأصحابِهِ والتَّابعينَ بإحسانِ

أُناسٌ أرادَ اللهُ إحياءَ دينِهِ … بحفظِ الذي يروي عن الأولِ الثَّاني

أقاموا حدودَ الشَّرعِ بعدَ نبيِّهمْ … بما أوضحوهُ من دليلٍ وبُرهانِ

وساروا مسيرَ الشَّمسِ في جمعِ علمهِ … فأوطانُهم أضحَتْ لهُمْ غير أوطانِ

فلستَ ترى ما بينهم غيرَ ناطقٍ … بتصحيحِ علمٍ أو تلاوةِ قُرآنِ

من أبيات

وكانت وفاته بدمشق، وكان ثقة.

محمَّد بن أحمد (٣)

ابن عبد الله بن أحمد بن الوليد، أبو علي، المتكلِّم، المعتزلي، شيخ المعتزلة والفلاسفة، والداعية إلى مذهبهم ورأيهم، وهو من أهل الكَرْخ، وكان يدرِّس علم


(١) تاريخ دمشق ٤٣/ ٦٨ - ٧٠.
(٢) تحرف في (ب) إلى: أبو أحمد.
(٣) المنتظم ١٦/ ٢٤٧ - ٢٤٩.