للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَحَى اللهُ قومًا أسلموا يومَ بابلٍ … أبا خالدٍ تحتَ السيوفِ البَوارقِ

فتًى كان عند الموتِ أَكرمَ منهُمُ … حفاظًا وأعطى للجيادِ السَّوابقِ

ولمَّا نعى الناعي يزيدَ تَزَلْزلَتْ … بيَ الأرضُ وارْتَجَّتْ (١) بمثلِ الصَّواعقِ

فلا حَمَلَتْ أزْدِيَّةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ … جَنِينًا ولا أمَّلْنَ سَيبَ الغَوَادقِ (٢)

وبعث يزيدُ بنُ عبد الملك حين قُتل يزيدُ بنُ المهلَّب إلى الشعراء، فأمرهم بهَجْو يزيد بن المهلَّب وأهلِ بيته، منهم الفرزدق، وكُثيّر، والأحوص، فأمَّا الفرزدق فقال: لقد مدحتُ بني المهلَّب وأهلَ بيته بمدائحَ ما مدحتُ بها أحدًا قطّ، وإنه لَقبيحٌ بمثلي أن أُكَذِّبَ نفسي على كبر السّن، فليُعفني أميرُ المؤمنين. فأعفاه.

وقال كُثيّر: إني أكره أن أُعَرِّضَ نفسي لشعراء العراق إن هجوتُ بني المهلَّب. وأمَّا الأحوص فهجاهم، فلمَّا بعث يزيد بن عبد الملك بالأحوص إلى الجرَّاح بن عبد الله الحَكَمي وهو بأَذْرَبيجان وقد كان بلغَ الجرَّاحَ هِجاءُ الأحوص لهم؛ بعث الجراح بِزِقِّ خمر إلى منزل الأحوص، ثم أرسل أُناسًا، فصَحبُّوا الخمرَ على رأسه وأخرجوه على رؤوس الناس، فأَتَوْا به الجرَّاحَ، فأمر بضربه الحدَّ؛ يتناوبُ عليه الرجال، وحلقَ رأسَه ولحيتَه، والأحوص يقول: ليس هكذا تُضربُ الحدود، والجرَّاح يقول: أجل، لِما تعلم (٣).

وأمَّا المُفَضَّل بن المُهَلَّب

فكنيتُه أبو غسَّان، وقيل: أبو حسَّان، ولمَّا ولَّى سليمان يزيدَ بن المهلَّب على العراق خلَّفه عند سليمان يأنس به، فولَّاه جند فلسطين، وكان جوادًا سَمْحًا.

روى المُفضَّل عن النعمان بن بشير، وروى عنه حاجبُ بنُ المفضَّل، وجَرِيرُ بنُ حازم، وثابت البُنانيّ، وغزا عدَّةَ غَزَوات (٤).


(١) في (خ) (والكلام منها): وانحلت. والمثبت من "أنساب الأشراف" ٧/ ٢٨٩، و"ديوان" الطِّرمّاح ص ٣٣٩.
(٢) في (خ): المغارق. والمثبت من "الديوان".
(٣) طبقات فحول الشعراء ٢/ ٦٥٩، والأغاني ٤/ ٢٥٥ - ٢٥٦.
(٤) ينظر "تاريخ دمشق" ١٧/ ١٠٦ (مصورة دار البشير).