للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة السابعة والأربعون بعد المئة]

فيها خلع أبو جعفر ابن أخيه عيسى بن موسى من العهد، وولَّاه المهدي، وجعل عيسى بعدَه، وكان أبو العباس قد عهدَ إلى أبي جعفر، وبعده إلى عيسى بن موسى -وأقرَّه أبو جعفر على ذلك- وولَّاه الكوفة وأعمالها، وقدَّمه على الجيوش، وقتل عيسى محمدًا وإبراهيمَ ابني عبد الله بن حسن.

وكان أبو جعفر لعيسى مكرمًا، وكان إذا دخل عليه أجلسه عن يمينه، وأجلس محمدًا المهدي عن يساره، فلمَّا رأى أبو جعفر من ولده أمارات الصلاح، وأنَّه يصلحُ للأمر، وعزمَ على خلع عيسى وتوليته بعد محمد المهدي، وكان يستحي من عيسى، فأشار إليه أبو جعفر يومًا بألطف إشارةٍ، فصرخ عيسى -وكان قد فهم ذلك- فقال: [فـ] أين العهودُ والمواثيق والطَّلاق والعِتَاق والحجُّ ماشيًا وصدقةُ الأموال؟ فلم يجبه، فأعرضَ عنه أبو جعفر، وقال لابنه محمد: اجلس عن يميني في مجلس عيسى، وكان يجلسُ فيه، وإذا دخلَ عيسى بعد محمد جلسَ دون محمد، ولا يجلس عن يسار أبي جعفر، وأبو جعفر يتغيَّظُ من ذلك، وعيسى صابرٌ لا ينطقُ بحرف، ثم زاد هوانُ أبي جعفر لعيسى، فأمرَ أن يحفر الحائط الذي خلف عيسى كان يقعد عنده، ثمَّ يؤذن له على أبي جعفر، فيقوم فيدخل عليه والترابُ على قلنسوته وطيلسانه لا يغيِّره، فيقول له أبو جعفر [ما هذا؟ فلا يجيبه، فيقصد أبو جعفر] (١) أن يشكو، وهو لا يتكلَّم.

وأمر أبو جعفر عيسى بن علي أن يدخل بينه وبين عيسى بن موسى، فيقال: إن عيسى بن علي سقى عيسى بن موسى سُمًّا، فمرضَ وتناثرَ شعرُه، وطلبَ من أبي جعفر أن يمضيَ إلى الكوفة، فقال له: أقم ها هنا، فقال: الكوفة أصلح، وكان ابن بختيشوع قد قال لعيسى: ما يمكنني أن أعالجـ[ــك] بحضرة أبي جعفر؛ لأنه لا آمنه على نفسي، فأذن أبو جعفر لعيسى في المسير إلى الكوفة، فسارَ وأقامَ يتمرَّض حتى برِئ، فقال أبو زياد يحيى بن زياد البُرْجُمي: [من المنسرح]


(١) ما بين حاصرتين من (ب).