للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان لمحمود أخٌ يقال له أبو المعالي بن محمد (١)، مات بعد سنة خمسٍ وأربعين وخمس مئة، وهو القائل: [من الكامل]

نادى منادي البَينِ بالتَّرْحالِ … فلذلك المعنى تغيَّر حالي

زُمَّتْ ركابِّهُمُ فلمَّا ودَّعوا … رفعوا على الأجمال كلَّ جَمالِ

فَجَرَتْ دموعٌ في خدودٍ خلْتُها الـ … ـياقوتَ قد نُثِرَتْ عليه لآلي

وتفرَّقَ الشَّمْلُ المَصُونُ وقبلَ ذا … لم يخطُرِ البَينُ المُشِتُّ ببالي (٢)

نَصر بن منصور بن الحسين (٣)

ابن أحمد، أبو القاسم، الحَرَّاني، والد ظهير الدِّين أُستاذ دار المستضيئ.

ولد بحرَّان سنة أربعٍ وثمانين [وأربع مئة] (٤)، وكان تاجرًا، كثير المال، غزيرَ النَّوال، قارئًا للقرآن، محافظًا على الجماعات، يكسو العُراة، ويَفُكُّ الأسارى، ويَبَرُّ العلماء والفُقَراء، ويتفقَّدُ أربابَ البيوت، ويسمعُ الحديث، ويزور الصالحين، [وكان خِصِّيصًا بجدِّي ، ويحسن إليه] (٤)، ومات ببغداد.

[وله وقائع ذكر جدِّي في "المنتظم" منها واقعة، فقال: حدثني (٥)] أبو محمد العُكْبري: رأيتُ النَّبيَّ في المنام: فقلتُ: يا رسولَ الله، امسح بيدك على عيني، فإنَّها تؤلمني. فقال: اذهب إلى نَصر بن العَطَّار يمسح على عينك. فقلتُ في نفسي: أَدَعُ رسولَ الله ، وأمضي إلى رجلٍ من أبناء الدُّنْيا! وعاوَدْتُه القولَ، وقلتُ: يا رسول الله، امسح على عيني. فقال لي: أما سَمِعْتَ الحديث "إنَّ الصدقة لتقع بيد الله قبل أن تقع بيد السَّائل (٦) " وهذا نَصرٌ قد صافحت يدُه يدَ الحق، فامضِ إليه، [قال] (٤): فانتبهتُ، ومضيتُ إليه، فلما رآني قام


(١) له ترجمة في "خريدة القصر": قسم شعراء العراق: ١/ ٣٠٨ - ٣١١.
(٢) الأبيات في "الخريدة": ١/ ٣٠٩.
(٣) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ١٨٣، وهو في "المنتظم": نصر بن منصور بن الحسن.
(٤) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٥) في (ع) و (ح): ومات ببغداد، قال أبو محمد العكبري … والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٦) أخرجه أبو نعيم في "الحلية": ٤/ ٨١ عن طريق عمرو بن الحصين العقيلي عن ابن علاثة، عن ثور، عن وهب بن منبه، عن كعب، عن فضالة بن عبيد مرفوعًا، وقال أبو نعيم: غريب من حديث وهب بن منبه لم نكتبه إلا من حديث ابن علاثة عن ثور. قلت: عمرو بن الحصين متروك الحديث.