للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حافيًا، وقال: الذي رأيته في المنام قد تقدَّم في حقِّك بشيء. وقرأ على عيني الفاتحة، والمعوِّذتين، فسكَنَ الألم، ووجدتُ العافية.

[قلتُ: وحكى لي جماعة من مشايخنا أن إحدى عيني نَصر ذهبت] (١) قال: فخرجت يومًا إلى جامع السُّلْطان لأصلي الجمعة، فجلست على جانب دِجْلة لأتوضأ، وإذا بفقيرٍ عليه أطمارٌ رثة، وهو جالسٌ على دِجْلة، فتقدَّمْتُ إليه، وقلتُ: امسحْ على عيني الذاهبة، فمسح على عيني الذاهبة، فعادت صحيحة كما كانت. [قال] (٢): وفي كُمِّي مِنْديلٌ فيه دنانير، فأخرجتُ المِنْديل، ودفعتُه إليه، فقال: ما لي به مِنْ حاجةٍ، إنْ كان معك رغيفُ خُبْز فَنَعَمْ. [قال] (٢): فقمتُ واشتريتُ له خُبزًا، ورجعت، فلم أره. فكان نَصرٌ بعد ذلك لا يمشي إلا وفي كُمِّه الخبز إلى أن مات.

[ومنها أنه] (٢) كان يأتي إليه في كلِّ سنة فقيرٌ في دار القَزّ، فيعطيه من الزَّكاة خمسة دنانير، ومَضَتْ مُدَّة، فلم يذهب إليه، فعَبَر ذلك الفقيرُ يومًا إلى خان الخشبة وتحت يده مِنْديل فيه ثيابٌ عتَابي (٣)، ونَصر جالسٌ في الخان، فناداه: يا فقير، تعال خُذْ رسمك، فقال له: أنا اليوم لا تجب عليَّ الزكاة. قال: وكيف؟ قال: الخمسة دنانير التي أعطيتني اتَّجرت بها، فصارت عشرين دينارًا. فبكى نصر، وقال: الحمد لله على هذه النِّعْمة.

[قلت] (٤): وسمعتُ جماعةً من أهل بغداد يحكون أَنَّ نَصرًا اشترى مملوكًا بألف دينار، وأعطاه بضاعة بألف دينار، وجهزه إلى بلاد الترك، وكان جدي قد صنف


= وأخرجه الطبراني في الكبير (١٢١٥٠)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٣٥٢٥) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، مرفوعًا، وشريك، ويزيد ضعيفان.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (٦٤٧) عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن السائب، عن عبد الله بن قتادة المحاربي عن ابن مسعود موقوفًا. عبد الله بن قتادة المحاربي ذكره ابن حبان في "ثقاته"، وقال: روى عنه أهل الكوفة.
(١) في (ع) و (ح): ووجدت العافية، وذهبت إحدى عيني نصر، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٣) نسبة إلى العتابيين، إحدى محال بغداد في الجانب الغربي منها، اشتهرت بالنسيج المخطط. انظر "وفيات الأعيان": ٤/ ٣٨٩، و"تكملة المعاجم العربية" لدوزي: ٧/ ١٣٩ - ١٤٠.
(٤) في (ع) و (ح) قال المصنف ﵀، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).