للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسند سمرة الحديثَ عن رسول الله ، وأخرجَ له الإمام أحمد ثلاثة وخمسين حديثًا (١).

وقال ابن عبد البَرّ: كان سَمُرَةُ من الحفَّاظ المكثرين (٢).

أبو مَحْذُورَة المؤذِّن

واسمه سَمُرة بن مِعْير (٣) -أو: عُمير (٤) - بن لَوْذان الجُمحي، وقيل: أوس.

وهو من الطبقة الرابعة مِمَّن أسلم بعد الفتح. وأمُّه من خُزاعة، وكان له أخٌ من أبيه؛ اسمه أُنيس؛ قُتل يوم بدر كافرًا.

قال أبو محذورة: خرجتُ في نفر، فكنتُ في بعض طريق حُنين مَقْفَلَ رسول الله ، فسَمِعْنا مؤذِّنَ رسولِ الله ، فصرَخْنا نحكيه ونستهزئُ به، فسمعَ النبيُّ الصوتَ، فأرسلَ إلينا، فوقفنا بين يديه، فقال: "أيُّكم الذي سمعتُ صوتَه؟ " فأشاروا إليَّ، فأطلقهم وحبسني، ثم قال: "قُمْ فأَذِّنْ بالصلاة". فقمتُ ولا شيء أكره إليَّ من رسول الله ولا مِمَّا يأمرني به، فقمتُ بين يديه، فألقَى عليَّ التَّأذين، فدعاني رسول الله حين قضيتُ التَّأذين، فأعطاني صُرَّةً فيها شيء من فضة، ثم وضعَ يدَه على ناصيةِ أبي محذورة، ثم أَمَرَّها على وجهه، ثم بين ثدييه، ثم على كبده، وقال: "بارك الله فيك وعليك". فقلت: يا رسول الله، مُرْني بالتَّأذين بمكَّة. فقال: "قد أمرتُك". وذهب كل شيء كان عندي لرسول الله من كراهيته، وعاد ذلك محبَّةً لرسول الله .

فكان أبو محذورة لا يجُزُّ ناصيتَه ولا يفرِّقُها؛ لأن رسولَ الله مسحَ عليها (٥).


(١) ينظر "مسند" أحمد (٢٠٠٧٨) إلى (٢٠٢٦٧). وذكر ابن الجوزي في "التلقيح" ص ٣٩٣ أنه أُخرج له في الصحيحين سبعة أحاديث، المتفق عليه منها حديثان، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بأربعة.
(٢) الاستيعاب ص ٣٠٠.
(٣) تحرف في (ب) و (خ) إلى: سبرة بن نعير.
(٤) في النسختين: بن عمير. والتصويب من المصادر. ينظر: "طبقات" ابن سعد ٦/ ١١٣ و ٨/ ١١، و"الاستيعاب" ص ٨٥٣. و"تهذيب الكمال" ٣٤/ ٢٥٦، و"الإصابة" ١٢/ ١٢.
(٥) ينظر "طبقات" ابن سعد ٦/ ١١٤ - ١١٥ و ١١٦.