للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مساكنهم وإكرامهم، فدخلوا البلد واستأمنوا، واستباحوه ونقضوا أخشابه، وقتلوا جماعةً من الأشرار، وانهزم الباقون، وبعث السلطان من هَمَذان بُرْشُق الخادم إلى هزارسب يحمل ما عليه من الضمان، واستصحاب صدقة بن منصور المعتقل عنده، فإن فعلَ وإلَّا قصدَه السلطان، وكان مقلِّد أخو صدقة وولدُه ليث بن صدقة قد خرجا مع الخِلَع إلى ألب أرسلان، وسألا شفاعته في صدقة، فوعدهما بذلك، فلمَّا رجع الرسل إلى بغداد لم يرجعا، وأقاما على باب السلطان، وسار الحاجب إلى هزارسب وهو بخوزستان، فأجابه بالسمع والطاعة، وأن يُطلِقَ صدقة، وكان السلطان قد أخذ قُمْ وقاشان من الأمير أبي علي بن الملك أبي كاليجار بن بويه، وأقطعه في البصرة من جملتها بخمسين ألف ألف دينار، وبعث به إلى البصرة، وكانت البصرة في يد هزارسب، فلمَّا بلغَتْه الرسالة في ذلك اليوم لم يُفرِجْ عن البصرة، وقال: ما فعلتُ ما يُوجِبُ كسر جاهي. ولم يبقَ أحدٌ من الأطراف إلَّا وقد أجري على ما في يده، فلم أُحرم من دونهم، وأشار بأن الأمير أبا علي لا يمكن من المقام بالبصرة، فإنها بلدُ أبيه وبلدُه من بعده، وأهلُها له مُحِبُّون، وربما تمَّ منه ما يصعب تلافيه، وورد على السلطان بباب هَمَذان أبو العباس فضلويه بن علويه الشوابكاري لما اتصل عليه من قاروت بك من الغارات والهزائم وقتل أصحابه، وأخذ البلاد منه، فخلع السلطان عليه الخلع السنية، وأكرمه وقرَّر معه أنه يأخذ بلاد فارس، وينيب فضلويه فيها. وقيل: إنما ورد على السلطان في أول سنة سبع وخمسين، وفيها قصد مسلم بن قريش هَمَذان ودخل على نظام الملك، وتعلَّق بذيله، فأصلح حاله مع السلطان، وأعطاه الأنبارَ وأماكنَ، ورجع إلى بغداد، فالتقاه الوزير، وقبَّل عتبة باب النُّوبي، وخلع عليه الخليفةُ، ورضي عنه، وسار إلى بلده.

وفيها تُوفِّي

الحسن بن عبد الله بن أحمد (١)

أبو الفتح، الحلبي، الشاعر، ابن أبي حصينة، كان فاضلًا شجاعًا فصيحًا، يخاطَبُ بالأمير، ومن شعره: [من الوافر]

أتجزَعُ كُلَّما خفَّ القَطِينُ … وشطَّتْ بالخَليطِ نَوًى شَطُونُ


(١) تاريخ دمشق ١٣/ ١٢٠ - ١٢٢.