للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدَثَ في الرملة حادثٌ عظيمٌ جزر البحر مقدار ثلاثة فراسخ، فنزل الناس يصيدون السمك، فرجع فأغرَقَ من لم يُحسِن السباحة، وزُلزِلَتِ الرملةُ زلزلةً هدمَتْ ثلث البلد، ورَمَتِ الجامع [وخرج الناس هاربين بعد أن تلِفَ معظمُهم، وامتدَّت إلى نابلس فهدمتها] (١) وقلبَتْ قريةً من قُراها يُقال لها: جِيت [غربي نابلس] وهي على رأس جبل قلَبَتْها الزلزلةُ فجاست بأهلها وبقرها وغنمها، وسقطت منارة عسقلان وغزة وحائط بيت المقدس والخليل وبعضُ محراب داود ، وخُسِفَ بنصف عكا.

وفي رمضان جاءت الأعراب إلى جامع المنصور، فسلبوا الرجال عمائِمَهم، والنساءَ ثيابهنَّ في المقابر.

وفي ليلة الأربعاء لسبعٍ بَقِينَ من ذي القعدة انقضَّ كوكبٌ عظيمٌ، وسُمِعَ له صوتٌ مثلُ صوت الرعد، وضوءٌ مثل المشاعل، ويقال: إن السماء انفرجت عند انقضاضه، ووقع الوباءُ عقيبه، فيقال: مات مُعظَمُ أهل شيراز [ولم يجدوا حفَّارًا ولا من يغسِّل الموتى، وذلك] (٢) بحيث كانت الدُّور تُسدُّ أبوابُها على أصحابها لا يجدون من يدفنهم، ثم تعدَّى إلى الأهواز والبصرة وواسط وبغداد، فيقال: إنه مات من بغداد سبعون ألفًا.

ولم يحجَّ أحدٌ من العراق.

وفيها تُوفِّي

أحمد بن محمد بن غالب (٣)

أبو بكر، البَرْقاني، الخُوارَزمي، الحافظ، وُلدَ سنة ست وثلاثين وثلاث مئة، ورحل إلى البلاد، وسمع الكثير، وكتب الكثير، وحفظ القرآن والفقه والنحو واللغة، وكان إمامًا عالمًا، ثقة ورعًا فهمًا، وله المصنَّفاتُ الكثيرة.

[وذكره الخطيب وأثنى عليه، وقال: سمع خلقًا كثيرًا، واستوطن بغداد، فكتبنا عنه، وحفِظْنا منه]، صنَّف مسندًا اشتمل على صحيح البخاري ومسلم، وجمع حديثَ


(١) هذه الزيادة من (ف) وحدها.
(٢) هذه الزيادة من (م) وحدها.
(٣) تاريخ بغداد ٤/ ٣٧٣ - ٣٧٥، وتاريخ دمشق ٥/ ١٩٥ - ٢٠٠ (طبعة دار الفكر)، والمنتظم ١٥/ ٢٤٢ - ٢٤٣.