للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباب الثامن عشر: في ذكرِ كُتَّابه للوحي وغيره -

كان يكتب لرسول الله الوَحيَ بمكةَ أبو بكرٍ، وعمر، وعثمان رضوان الله عليهم، ثم لما هاجر إلى المدينة كتب له عثمان رضوان الله عليه (١).

وقيل: أول من كتب للنبيَّ الوحيَ بالمدينة عند الهجرة أُبي بن كعب، وهو أول من كتب في آخر الكتاب: وكتب فلان (٢)، ثم داوم زيد على الكتابة، ثم كتب له عامر ابن فُهيرة، وثابت بن قيس بن شَمَّاس، وشُرَحبيل بن حَسَنة، وخالد بن سعيد بن العاص، وأَبان بن سعيد، والعلاء بن الحَضْرمي، وحنظلة بن الربيع بن صَيفي أبو رِبعي من بني تميم، ويعرف بحنظلة الكاتب، له صحبة وروايةٌ، صحب خالد بن الوليد في حروب العراق كلها، وهو أخو (٣) أكثم بن صَيفي، ولما وقعت الفتنة، اعتزلها، وخرجَ إلى قَرْقِيسياء هو وجريرٌ البَجَلي وعديُّ بن حاتم، وتوفي في أيام معاوية بن أبي سفيان.

قال حنظلة: كنَّا عند رسول الله فذكرنا الجنة والنارَ حتى كأنَّا رأْيَ عينٍ، فأتيتُ أَهلي وولدي، فضَحكتُ، ولَعبتُ، وذكَرتُ الذي كنَّا فيه، فخرجتُ، فلقيتُ أبا بكر: فقلتُ له: نافقَ حنظلةُ، فقال: إنَّا لَنفعَلُهُ، ثم أتيتُ رسول الله فذكرت له ذلك، فقال: "يا حنْظَلَةُ، لو كُنتُم يكونُونَ كما تكونون عِندي لصافَحَتْكُم الملائِكةُ على فُرُشِكُم، أو في طُرُقكُم، يا حَنظلَةُ ساعةً وساعةً". انفرد بإخراجه مسلم (٤).

وذكر شيخُنا موفَّقُ الدين رحمةُ الله عليه في "الأنساب" (٥): أنَّ الكاتب لعَهده إذا عاهدَ، ولصلحِهِ إذا صالح عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه.


(١) انظر "البداية والنهاية" ٥/ ٣٤٦.
(٢) انظر "تاريخ الطبري" ٣/ ١٧٣، و"الوافي بالوفيات" ٦/ ١٢٢، و"الإصابة" ١/ ١٩.
(٣) هكذا جاء في (أ) و (خ)، والصواب أنه ابن أخي أكثم. انظر "الإصابة" ١/ ٣٥٩.
(٤) أخرجه مسلم (٢٧٥٠).
(٥) التبيين ٩٤.