للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحمدُ بن حرب

ابن عبد الله بن سهل بن فيروز، أبو عبد الله، الزاهد النيسابوريّ، وقيل: المروزيّ.

كان حسنَ (١) الطريقة، ظاهر النُّسك، عابدًا مجتهدًا. والكرَّاميةُ تنتحلُه.

وردَ بغداد حاجًّا في أيام الإمام أحمد رحمة الله عليه، وحدَّث بها.

وكان يحيى بن يحيى يقول: إن لم يكن أحمد بن حرب من الأبدال، فلا أدري من هم.

وقال إسماعيل: دَخلتُ على الإمام أحمد، وقد قَدِمَ أحمدُ بن حرب من مكَّة، فقال لي: من هذا الخراسانيُّ الذي قَدم؟ قلت من زُهده كذا وكذا، فقال: لا ينبغي لمن يدَّعي ما يدَّعيه أنْ يُدْخِلَ نفسَه في الفتيا.

وقال أحمد بن حرب: المنازلُ أربعة، فثلاثةٌ منها [مجاز] (٢)، وواحدٌ حقيقة، عمرنا في الدنيا، ومكثُنا في القبور، ومقامنا في الحشر، ومنصرفُنا إلى الأبد الذي خلقنا له، فَمَثَلُ عمرنا في الدنيا كالمُتَعَشِّي للحاجِّ، لا يطمئنُّ ولا يَحلُّون الأثقال عن الدوابِّ لسرعة الارتحال، ومثل مكثنا في القبور مثلُ أحد منازل الحاجّ، يضعونَ الأثقال ويستريحونَ يومًا وليلة، ثمَّ يرتحلون، ومَثَلُ مقامنا في الحشر كمَقْدِمِهم مكَّةَ، يقضونَ النُّسك ويوفون النذور، ثم يفترقون، وكذا القيامة يفترقون (٣)، فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير، والرابعُ هو الحقيقة.

وتوفِّي في رجب، وهو ابنُ ثمانٍ وخمسين سنةً وأشهر.

وقال ابن دلويه: رأيتُ أحمد بن حرب في منامي بعدَ وفاته بشهر، فقلت: ما فعل الله بك؟ فقال: غَفَرَ لي وفوق المغفرة، قلت: وما فوق المغفرة؟ قال: أكرمني بأنْ يستجيبَ دعواتِ المسلمين إذا توسَّلُوا بقبري (٤).


(١) كذا في (خ) و (ف). وفي تاريخ بغداد ٥/ ١٩٠: خشن.
(٢) في (خ) بياض، وما بين حاصرتين استدركته من المنتظم ١١/ ٢١٠.
(٣) قوله: وكذا القيامة يفترقون. ليس في (ف). وانظر المنتظم ١١/ ٢١١.
(٤) المنتظم ١١/ ٢١١.