للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القُبُقلار نائب الملك، فاقتتلوا، فقُتل القبقلار، واستُشهد جماعة من المسلمين نذكرهم في آخر السنة (١).

[ذكر عزل خالد بن الوليد عن الشام]

لم يزل عمر ساخطًا على خالد مدة خلافة أبي بكر لكلامٍ كان يبلغه عنه من الاستخفاف به، واطّراح جانبه، وما كان يُسمّيه إلا باسم أمه وبالأعيسر، وكان أكبر ذنوب خالد عنده قتل مالك بن نويرة بعد إسلامه، وأخذه لامرأته، ودخوله المسجد وعلى رأسه السّهام فيها دم، وكان يحثُّ أبا بكر على عزله، ويُحرِّضه على قتله بسبب قتله لمالك، وكان أبو بكر يتوقّف.

فلما مات أبو بكر وَولي عمر قال: واللَّه لا يلي خالد عملًا أبدًا. وقال ابن سيرين: قال عمر بن الخطاب: واللَّه لأعزلن خالدًا عن الشام، والمثنى مُثنَّى بني شيبان عن العراق؛ حتى يعلما أن اللَّه يَنصر هذا الدين، وليسا بناصِرَيْه (٢).

قال سيف: فكتب عمر إلى أبي عبيدة: سلام عليك، أما بعد فإني قد عزلتُ خالدًا عن جند الشام، وولَّيتُك أمرَهم، فقم به والسلام. فوصل الكتاب إلى أبي عبيدة، فكتم الحال حياءً من خالد، وخوفًا من اضطراب الأمور، ولم يوقفه على الكتاب حتى فُتحت دمشق، وكان خالد على عادته في الإمرة وأبو عبيدة يصلي خلفه، وقدم بهذا الكتاب شَدّاد بن أوس بن ثابت الأنصاري ومَحمِيَة بن جَزْء في رجب.

وقعة فِحل

وسار المسلمون من أجنادين إلى فِحل، وهي بلدة بأرض فلسطين، وقيل: بالأردن، وكان الروم قد اجتمعت بها ونزلت ببَيْسان، وتقدَّم خالد بن الوليد في المقدمة، فبثقت الروم المياه، وهي أرض سَبْخة، فصارت وَحْلًا، ولم يعلم المسلمون، فلما غشيها خالد وَحِلت خيولُهم، فلقوا منها عناءً، ثم سلمه اللَّه تعالى، وانحازت الروم إلى فِحل، وقصدهم المسلمون، فنصرهم اللَّه عليهم فانهزموا، وغنم


(١) انظر الطبري ٣/ ٤١٧ - ٤١٨، وفتوح البلدان ١٢٠ - ١٢١، وتاريخ دمشق ١/ ٢٣٦ (مخطوط).
(٢) في طبقات ابن سعد ٣/ ٢٨٤: حتى يعلما أن اللَّه إنما كان ينصر عباده، وليس إياهما كان ينصر.