للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: [من الكامل]

يا للرجالِ لنظرةٍ سفكَتْ دمًا … ولحارثٍ لم ألقَهُ مستسلما

وأرى السهام تؤمُّ من يُرمى بها … فعلامَ سهمُ اللَّحظِ يُصمي من رمى

يا آمري بتجلُّدٍ لم أُعطَهُ … ما نمَّ دمعي بالجَوى حتَّى نما

ولقد وقفتُ بدارِ زينب موهِنًا … والوجدُ يأبى أن أقولَ فأُفهما

مستخبرًا عنها فلم أرَ مَعْلَمًا … منها بأخبارِ الأحبَّةِ مُعْلِما

أبكي ويمنعني تناسي ما مضى … ما يمنع الأَطلال أن تتكلَّما

وقال: [من الطويل]

عداكُمْ هوًى مُذْ شَفَّنا ما تعدَّانا … فهوَّنتُمُ خطْبًا من البَينِ ما هانا

وقلتم تداووا بالفِراقِ فما الَّذي … ألانَ النَّوى من بعد قسوتِها الآنا

محمد بن صدقة بن دُبَيس (١)

أبو المكارم، عِزُّ الدولة، كان شجاعًا، ذكيًّا، جوادًا، ولمَّا مرض مرض الموت كان أبوه سيف الدولة صدقة جالسًا عنده، فأُتي بديوان أبي نصر بن نُباتة، فأخذ محمد الديوان وفتحه فطلع ما صورتُه، وقال: نُعزِّي سيف الدولة في ابنه أبي المكارم محمد، فأخذ بعض الجماعة الديوان من يده، فأخذه وفتحه ثانيًا، فخرج ذلك الشعر الَّذي قاله ابن نُباتة من قصيدة: [من الطويل]

فإنَّ بميَّافارقينَ حفيرةً … ترَكْنا عليها ناظِرَ الجودِ داميا

وحاشاكَ سيفُ الدولةِ اليومَ أن تُرى … من الصبرِ خِلْوًا أوإلى الحُزنِ ظاميا

ولمَّا عدِمنْا الصبرَ بعدَ محمدٍ … أتينا أباهُ نستفيدُ التَّعازيا

فمات بعد يومين، وجلس الوزيرُ عميدُ الدولة في داره للعزاء ثلاثة أيام، للصهر الَّذي كان بينهما، وخرج له في اليوم الثالث توقيعُ الخليفة يتضمن التعزية له، والأمر بعوده إلى الديوان، فقرأه قائمًا، وبعث الخليفة قاضي القضاة أبا الحسن الدامَغاني إلى حِلَّة سيف الدولة رسالة من الخليفة تتضمّن التعزية له.


(١) المنتظم ١٧/ ٦٠ - ٦١.