للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجوسق (١)، وبنى له حبسًا مرتفعًا (٢) وسماه لؤلؤة، وكتبَ المعتصمُ إلى عبد الله بن طاهر بأنْ يحتال (٣) على الحسن بن الأفشين وزوجته أُتْرُجَّة بنت أشناس في يومٍ عيَّنه له، وكان الحسنُ قد كثرت شكاويه من نوح بن أسد وأنَّه يتحاملُ على ناحيته وضياعِه، فكتبَ إليه ابنُ طاهر بولاية نوح، وكتبَ إلى نوح يأمُره إذا وصل إليه الحسن بقبضه وشدِّه وإيثاقه، فسارَ الحسنُ، ولا يشكّ أنَّه والي الناحية، فخرج إليه نوح، فأخذه وشدَّه وثاقًا، وبعث به إلى ابنِ طاهر، فبعثَ به ابنُ طاهر إلى المعتصم.

ذكرُ مناظرة أَحْمد بن أبي دؤاد وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب ومحمَّد بن عبد الملك الزَّيات

وابن أبي دؤاد هو القاضي، وإسحاق صاحبُ الشرطة، وابنُ الزيَّات الوزير، فأتي بالأفشين وبالمازيار صاحب طبرستان، وموبذ موبذان، وهو أحد ملوك السُّغد، والمرزبان، وأحضروا رجلين، فكشفوا الثياب عن ظهورهما، فإذا هي عاريةٌ من اللحم، فقال له ابن الزَّيات: يَا حيدر (٤)، هل تعرف هذين؟ قال: نعم، هذا مؤذنٌ، وهذا إمامٌ، بنيا مسجدًا بأشروسنة، فضربتُ كلَّ واحدٍ منهما ألفَ سوط، قال: ولم؟ قال: بيني وبين ملوك السُّغد عهدٌ أن أترك كلَّ قومٍ على دينهم، فوثبَ هذان على بيتٍ كانت فيه أصنامهم -يعني أهل أشروسنة- فأخرجَا الأصنام واتَّخذاه مسجدًا، فضربتُهما على تعدِّيهما.

فقال له ابن الزَّيات: فما عندك كتابٌ قد زينته بالجواهر والذهب وجعلته في الديباج، فيه الكفر بالله تعالى؟ فقال: كتابٌ ورثتُه عن أبي، فيه آدابٌ وحكمٌ من آداب الأكاسرة، فأنا آخذُ منه الأدب، وأدفعُ ما سواه؛ ما ذكرت أنَّه كفر، مثلُ كتاب "كليلة


(١) كذا في (خ) و (ف). وهذا اختصار مخلٌّ جدًّا.
ومضمون الخبر أنَّ من اطَّلع على أمر الأفشين جرى بينه وبين أحد القواد حديث فأطلعه على أمر الأفشين، فأخبره القائد أن هذا الأمر لا يمكن ولا يتم، فذكر ذلك للأفشين، وخاف القائد على نفسه، فركب من ساعته إلى أمير المُؤْمنين حتى أعلمه، فوجَّه المعتصم يدعو الأفشين، فجاء الأفشين، وحبسه المعتصم في الجوسق.
وانظر الخبر بتمامه في تاريخ الطبري ٩/ ١٠٦.
(٢) في (خ) و (ف): مربعًا. والمثبت من تاريخ الطبري.
(٣) في (خ) و (ف): يحتاط.
(٤) كذا، وهو تحريف. وصوابه: خيذر. انظر ما سلف ص ٢٤٦ من هذا الجزء.