للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدينة وقد غَرق أصحابُه، ولاقى شدائدَ، فلم يجِدْ فيه أحدًا، وقد أحرقوا الأقوات والعلوفات، فرجعَ ولقيَ فِي طريقه أهوالًا، حتَّى ورد خراسان.

وفيها ولَّى الحاكمُ ساتكين سهمَ الدولة دمشقَ، وعزلَه سنة ثمانٍ وأربع مئة.

ولم يحجَّ أحدٌ فِي هذه السنة خوفًا من العرب والعطش [والجوع] (١).

وفيها تُوفِّي

أحمد بن محمد بن أحمد (٢)

أبو حامد، الإسفراييني، الفقيه، الشافعي، قدم بغداد وهو حَدَثٌ، وأقام مشتغِلًا بالعلم، حتَّى انتهت إليه الرياسة، وعظُمَ جاهُه عند الملوك والعامّة، وكان يُدرِّس فِي مسجد عبد الله بن المبارك فِي قطيعة الربيع، ويحضر درسَه من المتفقِّهة سبعُ مئة، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعيُّ فرح به. وكان يُحمل إليه من البلاد الزَّكوات والصدقات فيُفرِّقها، ويُجري على فقراء أصحابه فِي كلِّ شهرٍ مئة وستين دينارًا، وأعطى الحاجَّ فِي بعض السنين أربعة عشر ألف دينار، وكان يتوسط بين القادر ومحمود بن سُبُكْتِكين، وكان مُقدَّما عند عميد الجيوش، وفخر الملك، وتُوفِّي ليلة السبت لإحدى عشرة ليلةً بقيت من شوال، وله ثلاثٌ وستون سنة، ودُفِن بداره، ثم نُقِلَ إلى باب حرب سنة ست عشرة وأربع مئة، وكان ثقةً دَيِّنًا صالحًا.

عبيد الله بن محمد (٣)

ابن أحمد بن علي بن مِهران، أبو أحمد، الفَرَضي، المقرئ؛ قال منصور بن عمر الكَرْخي: لم أرَ مَنْ تعلَّم العلم للهِ خالصًا لا يشوبه شيءٌ من الدنيا غير أبي أحمد الفرضي. وكان أورعَ الناس، يبتدئ كلَّ يومٍ بتدريس القرآن، ويحضر عنده الشيخُ الكبيرُ


(١) ما بين حاصرتين من (م) وحدها.
(٢) تاريخ بغداد ٤/ ٣٦٨ - ٣٧٠، والمنتظم ١٥/ ١١٢ - ١١٣، والأنساب ١/ ٢٣٧ - ٢٣٨. وينظر السير ١٧/ ١٩٣.
(٣) تاريخ بغداد ١٠/ ٣٨٠ - ٣٨١، والمنتظم ١٥/ ١٣ - ١١٤، والأنساب ٩/ ٢٧٢ - ٢٧٣، واللباب ٢/ ٤٢٢.
قلت: وتحرف اسمه فِي النسخة الوحيدة لهذه الترجمة (خ) وفي المنتظم إلى: عبد الرحمن. والتصويب من باقي مصادر الترجمة، وهي فِي السير ١٧/ ٢١٢.