للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دينار، وكانت وفاتُه بالأهواز في ذي الْحِجَّة، وكان حنفيًّا من أهل الستر والديانة والنزاهة والعِفَّة (١).

عبد الغني بن سعيد (٢)

ابن علي بن سعيد بن بشر بن مروان بن عبد العزيز بن مروان، أبو محمد، الحافظ، المصري، وُلدَ لليلتين بقِيَتا من ذي القَعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة، وسمع الكثير، وبرَعَ في علم الحديث، وصنَّف الكتُبَ، منها كتاب "المؤتلف والمختلف"، وكان عالِمًا بأسامي الرجال وعلل الحديث، ولما قدم الدارقطني مصر أوقفَه عليه، فقال له: اقرَأه عليَّ. قال: فعنك أخذتُ أكثَرَه. وقرأه عليه، فأعجبه.

وكتب عبد الغني إلى الحاكم أبي عبد الله يطلب منه "المستدرك على الصحيحين"، فبعث به إليه، فعلَّم على مواضعَ منه وهَمَ فيها الحاكم، فكتب إليه يدعو له ويشكره ويعترف له بالفضل، وكان الحاكم إذا أملى يقول: أفادني أبو محمد الحافظ عبد الغني بن سعيد كذا كذا.

ولمَّا خرج الدارقطني من مصر يريد بغداد وخرج معه الناس يُودِّعونه، فبكوا، فقال: ممَّ تبكون؟ قالوا: لِما عَدِمناه من فوائدك. فقال: تقولون هذا وفيكم عبد الغني بن سعيد، وفيه الخَلَف.

وكان الدارقطني يُعظِّم شأنَه ويقول: ما رأيتُ في طريقي مثلَه، ما اجتمعتُ به فانفصلتُ عنه إلَّا بفائدة.

تُوفِّي بمصر في شوال، وكان له جنازة لم يُرَ قطُّ مثلُها، سمع خلقًا كثيرًا، وحدَّث بطرابلس الشام، واتَّفقوا على فضلِه وثقتِه وصدقِه، وروى عنه [خلقٌ] (٣) كثيرٌ من مشايخه.


(١) تنظر الترجمة في المنتظم ١٥/ ١٢٩.
(٢) تاريخ دمشق ٣٦/ ٣٩٥ - ٤٠٠، والمنتظم ١٥/ ١٣٠ - ١٣١، والأنساب ١/ ١٩٨. وينظر السير ١٧/ ٢٦٨.
(٣) ما بين حاصرتين من (ف).