للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر وصيَّته ووفاته

ولما احتُضر دعا الضَّحَّاكَ بنَ قيس الفِهريّ، وكان صاحب شرطته، ومُسْرِفَ بنَ عقبة المُرِّيّ (١)، وكان يزيد غائبًا، فأوصى إليهما وقال: قولا ليزيد: انظر أهلَ الحجاز، فإنهم أهلُك وأصلُك، فأَكْرِمْ مَنْ قَدِمَ عليك منهم، وتعاهَدْ من غاب عنك، وانظرْ إلى أهل العراق، فإنْ سألوك أن تَعْزل عنهم كل يوم عاملًا فافعل، فإنَّ عَزْلَ عاملٍ واحدٍ أَحَبُّ إليك (٢) من أن تُشْهِر عليك مئة ألف سيف، وأُوصيك بأهل الشام؛ فليكونوا بطانَتك وعَيبَتَك، فإنْ رابَك شيء من عدوِّك فاستنصرْ بهم، ثم ارْدُدْهم إلى بلادهم، فإنْ هم أقاموا بغيرها أَخذُوا بغير أخلاقهم (٣).

وقال معاوية: مَنْ بالباب؟ فقال مولًى له: نفر من قريش يتباشرون بموتك. قال: ولِمَ؟ فواللهِ ما لهم بعدي إلا الذي يسوءُهم (٤).

واتفقوا على أنه مات بدمشق في رجب سنة ستين؛ قيل: في نصف رجب (٥) ليلة الخميس.

وقيل: لثمان بقين منه، ودُفن بالباب الصغير.

وقيل: بين الباب الصغير وباب الجابية.

[قال هشام:] ولما مات؛ قام الضَّحَّاك بن قيس الفِهْريّ خطيبًا على المنبر وعلى يديه أكفان معاوية، فقال: أيها الناس، إنَّ معاوية كان عبدًا من عبيد الله، دعاه إليه،


(١) هو مسلم بن عقبة، يسميه السلف مُسرفًا؛ لإسرافه في وقعة الحَرَّة، وتحرف في (ب) و (خ) إلى: مسروق. ولم يرد الخبر في النسخة (م).
(٢) في "تاريخ الطبري" ٥/ ٣٢٣: إليَّ. وفي "أنساب الأشراف" ٤/ ١٩٧ أهون عليك.
(٣) تاريخ الطبري ٥/ ٣٢٣. وبنحوه في "أنساب الأشراف" ٤/ ١٩٧.
(٤) بنحوه في "أنساب الأشراف" ٤/ ١٧١.
(٥) في (م): وإنما اختلفوا في اليوم الذي مات فيه، فحكينا عن ابن سعد أنه مات في نصف رجب. وينظر "طبقات" ابن سعد ٦/ ٣٤.