للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توفي

عبد العزيز بن زُرارة

ابن جَزْء بن عمرو بن عوف الكلابي (١).

قال الزُّبير بن بكَّار: كان له مالٌ عظيمٌ، فخرج عنه كلِّه، وجعله في سبيلِ الله.

وقال العُتْبيُّ: وَفَدَ عبدُ العزيز وأبوه زُرارةُ على معاوية: فأقاما مُدَّةً لا يَصِلانِ إليه، ثمَّ أُذِنَ لعبد العزيز دون أبيه، فقال: واللهِ لا أدخلُ حتى يتقدَّمَني أبي. وبلغ مُعاويةَ فجلَّ في عَينِه، وأَذِنَ لهما، فلما دخلا عليه سلَّما، وقال له عبد العزيز: ما زِلْنا نقطع الفيافي إليك، يدلُّنا عليكَ فَضْلُك، ثم نحنُ على بابك منذ سنة، نستعينُ على الجفاء بالصبر، وقد رأينا أقوامًا أدناهم منك الحظُّ، وآخرين أَبْعَدَهم عنك الحِرْمان، فلا ينبغي للمُقرَّبِ أن يأمنَ، ولا للمُبْعَد أن يَيأَس. وإنَّ أوَّلَ المعرفةِ الاختبار، فابْل أو اخْتَبِرْ.

فعجب معاويةُ من كلامه، وقال لابنه يزيد: ضع يدَكَ في يَدِهِ وآخِهِ. ففعل، ثمَّ ولَّاه مصرَ بعد ذلك.

وفي ذلك يقول عبد العزيز:

دخلتُ على معاويةَ بنِ حَرْبٍ … وذلك إذ أَيِسْتُ من الدُّخولِ

وما نِلْتُ الدخولَ إليه حتَّى … حَلَلْتُ مَحَلَّةَ الرجلِ الذَّليلِ

وأَغضيتُ الجفونَ على قَذاها … وصنتُ النفسَ عن قالٍ وقيلِ

وإني إن عجلتُ سَفِهْت رأيي … ألا إن العِثارَ مع العَجُولِ

وفي روايةٍ:

فأدركتُ الذي أمَّلْتُ منه … بمُكْثٍ، الخَطا زادُ العَجولِ

وقال الزُّبير: خرج [عبد العزيز] غازيًا في سنة خمسين مع يزيد بن معاوية [إلى] الرومِ نحو القسطنطينية، فجعل يتعرَّضُ للشهادة، فلما التحمت الحرب؛ حمل فانغمس في القوم وهو يقول:


(١) ينظر "تاريخ دمشق" ٤٢/ ٣١٦ - ٣٢٠. (طبعة مجمع دمشق).