للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثامنة والخمسون بعد المئة]

فيها انتقل المنصور إلى قصوه المسمى بالخُلْد، وكان عند باب خرسان، ثمَّ اندرس فلا عين ولا أثر (١).

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني ابن جهور قال: مررتُ [مع] علي بن هاشم الكوفي بالخُلْد، فوقف ينظرُ إلى تلك الآثار فقال: [من مجزوء الكامل]

بنوا وقالوا لا نموتُ … وللخرابِ بنى المُبَنِّي

ما عاقلٌ فيما رأيتُ … إلى الحياة بمطمئنِّ (٢)

وفيها سقط أبو جعفر عن دابته بجرجرايا (٣) فانشجَّ ما بين حاجبيه، وكان قد خرجَ معه ابنُه المهدي مشيِّعًا له إلى الموصل (٤)، فوقعَ عند عَوده.

وفيها أمر أبو جعفر ببناء قصر كسرى الَّذي بالمدائن -ويسمَّى القصر الأبيض- وأن يرمَّم، وقال: كلُّ من وجد في داره شيءٌ من الآجرِّ الخسروانيّ مما نقضَه من بناء الأكاسرة فليغرمه، قال: لأنَّ هذا من أموالِ المسلمين من الفيء، فمات المنصورُ ولم يتم ذلك.

وقال عمر بن شبة: وفيها سخطَ المنصور على محمد بن إبراهيم الإمام وهو أمير بمكة، قال: وسببُه أنَّ المنصور كتب إليه يأمرُه بحبسِ رجل من آل أبي طالب، وعبّاد بن كثير، وسفيان الثوري، وابن جريج، ففعل، فلمَّا كان في بعض الليل أفكر فيهم، وبلغَه أنَّ أبا جعفر قد خرجَ من بغداد متوجِّهًا إلى مكَّة في شوّال حاجًّا، وكان قد قلّد المهدي، وكان قد أحرم ونوى الحجَّ والعمرة، فلمَّا كان في الطريق أفكر محمد بن إبراهيم الإمام في الطالبيِّ وسفيان ومن حبسه وقال: لعلَّه يقتلُهم فأهلك عند الله، ثمَّ


(١) المنتظم ٨/ ٢٠٠ - ٢٠١، وانظر تاريخ بغداد ١/ ٣٨٥.
(٢) تاريخ بغداد ١/ ٤٠٧، والمنتظم ٨/ ٢٠١.
(٣) في (ج): بجرجانا. والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٥٧، والمنتظم ٨/ ١٩٧.
(٤) كذا في (ج). وفي تاريخ الطبري ٨/ ٥٧، والمنتظم ٨/ ١٩٧: الرقة.