للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان صالحًا عابدًا مجتهدًا.

[وحكى الخطيب عن إسماعيل بن عليٍّ الخُطَبيّ قال:] قال [محمد بن عبد الرحمن]: تزوَّجتُ بأمِّ أولادي هؤلاء، فلمَّا كان بعد الإملاك بأيَّام قصدتهم للسلام، فاطَّلعت من شقِّ الباب، فرأيتُها، فأبغضتُها، وهي معي من ستِّين سنة.

وقال إسماعيل بن عليِّ: [وكان هذا الشيخ من أَدْرس مَن رأينا للقرآن]، سألتُه عن أكثر ما قرأ في يوم -وكان يوصف بكثرة الدَّرس وسُرعَتِه- فامتنع أن يخبرني، فلم أزل به حتَّى قال لي: إنَّه قرأ في يوم من أَيَّام الصَّيف الطوال أربع ختمات، وبلغ في الخامسة إلى "براءة"، وأذَّن المؤذن للعصر، وكان من أهل الصِّدق، وتوفي في ربيع الأوَّل.

سمع سعيدَ بن سليمان [الواسطيَّ] وغيره، وروى عنه الخُطَبيُّ وغيرُه، وكان ثقة (١).

[وفيها توفي]

أبو العَيناء

[الضَّرير، صاحب الحكايات والمُلَح، واسمه] محمد بن القاسم بن خلَّاد، مولى [أبي جعفر] المنصور.

وأصله من اليَمامة، ويعرف بأبي عبد الله اليَمامي، وإنَّما سمِّي بأبي العيناء؛ لأنَّه سئل ما تصغير عين؟ فقال: عُيَين.

[قال الخطيب:] ولد بالأهواز سنة إحدى وتسعين ومئة، ونشأ بالبصرة، وذهب بصرُه بعد أربعين سنة، وطلب الأدبَ، وكتب الحديث، وسمع من الأئمة، وكان حافظًا للنَّوادر، سريعَ الجواب، فصيحًا (٢).

قال: قال لي المتوكِّل: قد أردْتُك لمجالستي، فقلت: لا أُطيق ذلك، ولا أقول هذا جَهلًا بمالي في هذا من الشَّرَف، ولكنِّي رجل مَحْجُوب، تختلف إشاراته، ويخفى عليه الإيماء، ويجوز علي أن أتكلَّم بكلام غضبان ووجهُك راضٍ، وبكلام راضٍ ووجهُك


(١) تاريخ بغداد ٣/ ٥٤٦، والمنتظم ١٢/ ٣٥٢، وتاريخ الإسلام ٦/ ٨١٠. وما بين معكوفين من (ف) و (م ١).
(٢) تاريخ بغداد ٤/ ٢٨٥، ٢٩٤، وما بين معكوفين من (ف) و (م ١).