يَقتتلون كل يوم، والمادة تأتي ابن الأشعث من البصرة والكوفة والسواد، وأهلُ الشام في قلّة من الزاد وغيره، فأقاموا على هذا مدّة هذه السنة.
وفيها عزل عبد الملك أبان بن عثمان عن المدينة في جمادى الآخرة، وولَّى هشامَ بنَ إسماعيل المخزومي، فكانت ولايةُ أبان سبعَ سنين وثلاثة أشهر وأيامًا، وكان قد استقضى نَوفل بن مُساحق العامري على المدينة.
وقيل: إنما استقضاه يحيى بن الحكم، وأقرَّه أبان، فعزله هشام بن إسماعيل، واستقضى مكانه عمرو بن خالد الزُّرَقيّ.
وحجَّ بالناس هشام بن إسماعيل، وقيل: أبان، وكان العراق فيه من الفتن ما فيه، وكان المغيرة بن المهلب قد مات في هذه السنة، وكذا المُهَلَّب، فولّى الحجاج خراسان يزيد بن المُهَلَّب.
فصل: وفيها توفي
[أسماء بن خارجة]
أبو مالك (١) الفَزاري الكوفي، أحد الأجواد.
وفد على عبد الملك بن مروان فقال له: بلغني عنك خصال شريفة، فأخبرني بها، فقال: إن استماعَهنّ من غيري أحسن من استماعهنّ مني، فقال: أقسمتُ عليك إلا أخبرتني بهنّ، فقال: يا أمير المؤمنين، ما سألني أحدٌ حاجة إلا وقضيتُها كائنة ما كانت، ولا أكل رجلٌ من طعامي إلا رأيتُ له الفضلَ علي، ولا أقبلَ عليّ رجلٌ بحديث إلا وأقبلت عليه بسمعي وبصري، حتى يكون هو المولّي عني، فقال: حقّ لك أن تشرف وتسود وهذه خصالك.
وجاء أسماء يومًا فرأى على بابه شابًا فقال له: ما يُقعدك ها هنا؟! فقال: حاجة. فألحّ عليه، فقال: خرجت من هذه الدار جارية فاختطفت قلبي، فأدخله الدار وعرض عليه كل جارية له وهو يقول: لا، حتى مرت عليه جارية فقال: هي هذه، فقال له:
(١) في النسخ: بن مالك، وهو خطأ، والمثبت من المصادر، انظر "تاريخ دمشق" ٣/ ١ (مخطوط)، و"المنتظم" ٦/ ٢٣٥، و"السير" ٣/ ٥٣٥.