للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توفي]

[حامد بن العباس الوزير]

كان يَنظر قديمًا بفارس، ثم انتقل إلى النَّظَر بواسط والبصرة والأهواز، وكان موسرًا، له أربعُ مئة مملوك يحملون السلاحَ، ولكلِّ مملوك مماليك، وكان يخدمُه ألف وسبع مئة حاجب، واستوزَرَه المقتدر سنةَ ست وثلاث مئة، وقد ذكرناه.

وكان ظاهر المروءة، جوادًا، سَمْحًا، كثيرَ العطاء، [فحكى الصولي أنه] شكا إليه شفيع المُقتدري فَناءَ شعيره، فكتب له بمئة كُر، وكذا لنصر الحاجب، ولابن الحَواري، ولأمِّ المقتدر (١)، ولمؤنس الخادم.

وحكى القاضي التنوخي عن بعضِ الكتَّاب (٢): حضرتُ مائدةَ حامد، وكنتُ أسمع أنَّه يُنفقُ عليها في كلِّ يوم مئتي دينار، فحضرت بين يدَي حامد مائدةٌ عليها ألوانُ الأطعمة، فاستَقْلَلْتُها بالنسبة إلى ما كان يُقال عنه، ثم خرجتُ من عنده وإذا في الدار نيفٌ وثلاثون مائدةً منصوبة، على كل مائدةٍ عشرون نفسًا، وفي مجالس أخرى عليها ثلاثون نفسًا، فرأيت ما هالني (٣).

وذكر القاضي التَّنوخي: أنَّ حامدًا رأى في دِهليزه يومًا قِشرَ باقِلاء، فأحضر وكيله وقال: ويلك يُؤكَلُ في داري الباقلاء؟ فسأل وإذا به من فِعْل بعضِ البوَّابين، فقال لهم: ما هذا؟ قالوا: نبعثُ بجِراياتِنا من اللَّحم إلى عيالنا، ولا يطيبُ لنا أنْ نأكلَها دونَهم، فنحن نأكلُ الباقلاء. فقال: أجروا لعيالهم اللحم، وأطعموا البوَّابين من الموائد.

[وقال التنوخي:] رفعَت له امرأةٌ رُقْعةً تذكر فيها فَقْرَها، فوقَّع عليها بمئتَي دينار، فأنكرها الجِهْبِذ، وعرَّفه فقال: والله ما كان في نفسي إلا أنْ أطلقَ لها مئتَي درهم، ولكنَّ الله أجرى لها، فأعطِها فإنِّي لا أرجع عن ذلك، فلمَّا كان بعد أيامٍ وقف له رجلٌ بقصَّة وقال: أيها الوزير، إنَّك أطلقْتَ لزوجتي مئتي دينار، وقد استطالت عليَّ وطلبَت


(١) كذا في النسخ، وفي المنتظم ١٣/ ٢٢٩، وصلة تاريخ الطبري ٧٣: وكتب لأم موسى، وانظر ما لم ينشر من أوراق الصولي ١٢٥.
(٢) في (خ): وقال بعض الكتاب، والمثبت من (ف م ١).
(٣) المنتظم ١٣/ ٢٢٩.