وقال مجاهد: هذا في بيت المقدس، عملوا له المحاريب من النحاس والصُّفر والشَّبَه والزجاج والرخام، والتماثيل صور الملائكة والأنبياء والصالحين، حتى إذا رآهم الناس مصوَّرين ازدادت عبادتهم.
وجِفان وهي القصاع، وقد ذكرنا أنه كان يجتمع على الجفنة الواحدة ألف رجل، والقدور الرَّاسِيات: الثابتات في أماكنها لا تنزل، ومنه قيل للجبال: رواسي.
﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: ١٣] أي وقلنا: اعملوا بطاعة الله شكرًا له على نعمه.
قال ثابت البناني: كان داود ﵇ قد جزَّأ ساعات الليل والنهار على أهله، فلم تكن تأتي ساعة منها إلا وإنسانُ من آل داود قائم يصلي أو يقرأ.
وقال مجاهد: كان سليمان ﵇ قد تخلى عن الدنيا وانقطع إلى العبادة، وسببه أنَّ النَّملة قالت له: إنما سميتَ سليمان لأنك سليم الصدر، وقد آن لك أن تلحق بأبيك، فسلَّم المُلْك إلى آصف ودخل المحراب، فتعبَّد حتى مات.
[فصل في وفاة سليمان ﵇]
قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ﴾ الآية.
أنبأنا غير واحد عن إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي بإسناده عن ابن عباس قال: كان سليمان يقيم بالبيت المقدَّس الشهر والشهرين والسنة والسنتين، يدخل بيوت العبادة فيتعبَّد فيها، وكان يصبحُ كلَّ يوم وقد أنبت الله في القدس شجرةً فيسألها ما اسمكِ؟ فتقول: اسمي كذا وكذا، وأَصْلُحُ لكذا وكذا. فبينما هو ذات يوم قائمٌ يصلي في المسجد، رأى شجرةً قد نبتت بين يديه فقال: ما أنت؟ قالت: الخرُّوبة، قال: ولأيِّ شيءٍ نبتِّ؟ قالت: لخراب بيت المقدس- أو لخرابِ هذا المسجد- وذهاب هذا الملك. فقال: ما كان الله سبحانه ليخرِّبه وأنا حيٌّ، فقلعها وغرسها في حائط المسجد، ثم أخذ منها غُصْنًا يتوكأ عليه، وهو مِنْسَأَتهُ، ثم قال: اللهم غُمَّ عن الجنِّ موتي حتى تعلم الإنس أن الجنَّ لا يعلمون الغيب. وكانت الجنُّ تقول للإنس: نحن نعلم الغيب، ثم دخل المحراب وقام يصلي متكئًا على عصاه فمات، وقال ابن زيد: قال سليمان