للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيستخرجون له الدُّرَّ واللآلئ، ويعملون له الجِفَان والقصاع، يجتمع على القصعة ألف رجل، ويأكل من كل قِدر ألف رجل، ولا تنزل من مكانها. ومنه قوله تعالى: ﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ﴾ يعني الغوص ﴿وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ﴾ [الأنبياء: ٨٢] حتى لا يخرجوا عن أمره (١).

ومنها: الريح، وقد ذكرناها.

فإنْ قيل: فقد قال في موضع: ﴿عَاصِفَةً﴾ [الأنبياء: ٨١] وفي موضع: ﴿رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ﴾ [ص: ٣٦] فالجواب: إنَّ الرخاء مأخوذة من الرخاوة، وأصاب بمعنى قصد، وأما عاصفة فلأنها كانت تلينُ إذا أراد، وتشتدّ إذا أراد. وقوله: ﴿تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا﴾ [الأنبياء: ٨١] يعني: أرض الشام، لأنها كانت منزله.

ومنها: فهم كلام الطير والنمل، وقد أشرنا إلى طرف منه.

ومنها: بساطه، وكان مئة فرسخ، وهو من نسج الجنة، قال أبو إسحاق الثعلبي بإسناده عن وهب بن منبه عن كَعب قال: إنَّ سليمان كان إذا ركب حمل أهله وحَشَمه وخدمه وكُتَّابَه وتلك الصفوف بعضها فوق بعض على قدر درجاتهم، وقد اتخذ مطابخ ومخابز يحمل فيها تنانير الحديد، وقدورًا عظامًا تَسَع القدرُ عشر جزائر، واتخذ ميادين الدوابِّ أمامه، فيطبخ الطباخون، ويخبز الخبازون، وتجري الدواب بين السماء والأرض، والريحُ تهوي بهم. وتمام هذا الأثر: أنه مرَّ بمَكَّة ولم ينزلْ حتى عاد من اليَمَن، وأنه بشَّر بنبيِّنا وقد ذكرناه (٢).

ومنها: ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾ [سبأ: ١٢] قال ابن عباس: يعني أسلنا له عين القطر أي: عين النحاس، ثلاثة أيام كما يسيل الماء، وكانت بأرض اليَمَن، وإنما ينتفع الناس اليوم بما أخرج الله لسليمان من الأرض (٣).

قال ابن عباس: المراد بالمحاريب: المساجد، والتماثيل: القصور والخاتم


(١) "التبصرة" ١/ ٢٩٠.
(٢) "عرائس المجالس" ص ٢٩٨.
(٣) انظر "عرائس المجالس" ص ٣٠٥.