للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَكَيتُ دمًا يومَ النَّوى فمسَحْتُهُ … بكفِّيَ فاحْمرَّتْ بنانيَ من دمِ

ولو قبلَ مَبْكاها بَكَيتُ صَبَابةً … بسُعْدَى شَفَيتُ النفسَ قبل التندُّمِ

ولكنْ بَكَتْ قبلي فَهَيَّجَ لي البُكَا … بُكاها وكان الفَضلُ للمتقدِّمِ

ومنه:

يا جَوارِ [ي] الحَيِّ عُدْنَنِيَهْ … حَجَبُوا عنِّي مُعَذِّبِيَهْ

رَشَأٌ (١) كالبَدْرِ طَلْعَتُهُ … لو سقاني سُمَّ سَاعَتِيَهْ

لم أقُلْ إني سَلَوْتُ ولا … إنَّ مَنْ أهْوَاه مِلَّتِيَهْ

فهو حَجِّي وهو معتَمَري … وهو فَرْضي وهو سُنَّتِيَهْ

وهو قصدي وهو معتمدي … وهو جالينوسُ عِلَّتِيَهْ

قَرِّبُوا عُودًا وباطِيَةً (٢) … فبذا أدْرَكْتُ حَاجَتِيَهْ

[السنة الخامسة والستون]

فيها خرج سليمان بنُ صُرَد إلى النُّخَيلَة (٣) في مستهلّ ربيع الآخِر للوعد الذي كان قد واعدَ عليه أصحابَه، ويسمَّى جيش التَّوَّابين، فنزل بها، وخرج إليه الناس، فلم يعجبه قلَّتهم، فبعث إلى حكيم بنِ منقذ الكندي (٤) والوليد بنِ غُصين، فقال: اذهبا إلى الكوفة، فناديا: يا لَثارات الحسين، فدخلا إلى الكوفة، وبلغا المسجد الأعظم، وسمع الناس، فخرجوا وقاموا من الفُرُش، منهم عبد الله بن خازم الأزدي؛ كان مع زوجته سهلة بنت سبرة، من الأزد، وكانت من أجمل الناس وأحبِّهم إليه، فلما سمع الصوت قام، فلبس درعه، وحمل سلاحه، وركب فرسه، فقالت له امرأته: أَجُنِنْتَ؟! إلى أين؟ قال: ويحكِ! أما تسمعين داعيَ الله؟! فأنا مُجيبُه، وطالبٌ بدم هذا الرجل،


(١) الرَّشَأ: ولدُ الظَّبْيَة إذا قويَ وتحرَّك ومشى مع أمه.
(٢) البَاطِيَة: الخمر وإناؤها.
(٣) موضع قرب الكوفة على سمت الشام، خطب فيها علي ﵁ خطبة مشهورة، ذمّ فيها أهل الكوفة. ينظر "معجم البلدان" ٥/ ٢٧٨.
(٤) في (ب) و (خ): الكناني، والمثبت من "تاريخ" الطبري ٥/ ٥٨٣، و"الكامل" ٤/ ١٧٥. ووقع في "أنساب الأشراف" ٦/ ٣٣: حكم بن منقذ.