رأسه وقد نام الحُرَّاس والغلمان، فعرف موضع رأسه من المِخَدّة، فعاد وأطفأ الشمعة، واتَّفق أنَّ ناصر الدولة انقلب عن المخدة، فجاء الرجل فوضع السّكّين في المخدَّة ظنًّا منه أنَّها رأسُ ناصر الدولة، وخرج من تحت أطناب الخيمة، وجاء في ليلته إلى معزِّ الدولة فقال للغلمان: قد جئتُ في أمرٍ عظيم، فقالوا: الملك نائم، فقال: أيقظوه فأيقظوه، وحضر الرجل فقال: قد قتلتُ ناصر الدولة، فقال: نعتقلُك إلى الصَّباح، فإن صدقتَ أغنيناك وإن كذبتَ قتلناك، فاعتقله.
فأصبح ناصر الدولة، فرأى السكين في المِخَدَّة، فشكر الله على السَّلامة، وشاع ذلك في العسكر، وبلغ الخبر معز الدولة فقال: مثلُ هذا لا يؤمَن، فغرَّقه.
ولم يحجَّ من العراق أحدٌ، ووقف بأهل مكة عمر بن الحسن بن عبد العزيز الهاشمي.
وفيها توفي
[أحمد بن عبد الله بن إسحاق]
أبو الحسن (١) القاضي، الخِرَقي، التاجر، كان من العدول، لم يكن له اشتغالٌ بغير التجارة، وكان يَخدمُ المُتَّقي في حياة أبيه، فلمَّا ولي الخلافة نوَّه باسمه، وخَلَع عليه سنة ثلاثين وثلاث مئة، وولَّاه قضاء بغداد من الجانبين، وواسِط، والبَصرة، والشام، ومصر، والمَغرب، والدنيا، فعجب الناس وقالوا: ما قرأ العلم، ولا جالس الأدباء والعلماء، فلمَّا جلس للحُكم ظهر من رئاسته ونَزاهته وعِفَّته وأحكامه ما حيَّر أهل الفضل، فلم يتعلَّقوا عليه بزلَّة، ولا لَحقه عيبٌ، وذلك من توفيق الله تعالى، ثم خرج إلى الشام فمات به.
توزون التُّركي
كان من خواصِّ أصحاب بَجْكم، وقد ذكرنا غَدْرَه بالمُتَّقي وسَمْلَه إياه، وكان يَعتريه عِلَّةُ الصَّرَع، ولم يَحُل عليه الحول بعد ما فعل ذلك.
(١) في (خ): أبو إسحاق، وهو خطأ، والمثبت من تاريخ بغداد ٥/ ٣٨١، وتاريخ الإسلام ٧/ ٦٧٥، وهذه الترجمة والتي تليها ليست في (م ف م ١).