للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد في جمادى الأُولى سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة، وشهد عند أبي عبد الله بن الدَّامَغَاني، وهو آخرُ من بقي من شهود القائم، وكان ظريفًا، صالحًا، دَيِّنًا. توفي في شوال، ودفن بباب حَرْب، وحضر جنازَتَهُ النَّقيبان والأعيان، واتفقوا على عدالته وفَضله.

السَّنة السَّادسة عشر وخمس مئة

فيها في خامس المحرَّم، استدعى الخليفة السُّميرمي وزير السُّلْطان، وخاطبه في معنى دُبَيْس، وقُرْبه من بغداد، وأنها على خطر، وأُوثر إذا راح السُّلْطان أن يكون البُرْسُقي مقيمًا حوالي بغداد، فأجاب السُّلْطان واستدعى البُرْسقي.

وفي المحرَّم قصد يرنقش دار الخلافة ومعه منصور أخو دُبَيْس، فنزل عند بابِ النُّوبي، وطولع بأَنَّ السُّلْطان يسأَلُ الرِّضى عنه، فخرج الجوابُ عنه: ما دام منصور تحت الرَّايات المغيثية (١)، فهو مشمولٌ بالرِّعاية.

وفي صفر تقَدَّم السُّلْطان بالاستظهار على منصور، ونَقْلِهِ إلى مكان ضيِّق يوثق عليه فيه.

وفي غُرَّة ربيع الأول خرج السُّلْطان من بغداد، وكان مقامه بها سنة وسبعة أشهر وخمسة عشر يومًا بعد أن أزال المكوس والضَّرائب والمظالم.

واسْتُدْعي البُرْسُقي إلى باب الحجرة، وخُلِعَ عليه وفُوِّض إليه أمرُ دُبَيْس، فخرج بالعساكر إلى صَرْصَر (٢)، ومعه سديد الدَّوْلة محمد بن عبد الكريم الأَنْباري، وجاء دُبَيْس في جموعه، والتقوا يوم الخميس سَلْخ ربيع الأول، فانجلتِ الوقعة عن هزيمة البُرْسُقي. وكان في خمسة آلاف فارس، بعضهم لابس (٣)، ودُبَيْس في أربعة آلاف ورخالةٍ كثيرة.


(١) في (ع) و (ب) الغياثية، والمثبت من "المنتظم": ٩/ ٢٣٢: والمغيثية نسبة إلى مغيث الدين، وهو لقب السلطان محمود، انظر "وفيات الأعيان": ٥/ ١٨٢.
(٢) صرصر: قريتان من سواد بغداد، صرصر العليا وصرصر السفلى، وهما على ضفة نهر عيسى، وربما قيل نهر صرصر فنسب إليهما، وبين السفلى وبغداد نحو فرسخين، ولعلها المقصودة هنا، انظر "معجم البلدان" ٣/ ٤٠١.
(٣) أي لابسًا الدرع، من اللبوس، وهي الدرع تلبس في الحرب، واللبوس كذلك الثياب والسلاح، انظر "اللسان" (لبس).