وإن لكم في خمس مئة لغُنية، فيومئذ تكلَّمت الخوارج.
وحكى الطبري عن ابن كُليب، عن أبيه قال: لما فرغوا يومَ الجمل أمرني الأشتر فانطلقتُ، فاشتريتُ له جملًا بسبع مئةِ درهم من رجل من مَهْرة، وقال: انطلق به إلى عائشة، وقل لها: بعث به إليك مالك بن الحارث وقال: هذا عِوض من بعيرك، قال: فانطلقتُ به إليها، وقلت لها: مالك بن الحارث يُقرئك السلام ويقول كذا وكذا، فقالت: لا سَلَّم الله عليه، يَقتل يُعسوب العرب محمد بن طلحة السَّجَّاد، ويَفعل بابن أختي ما فعل، ويُسلّم عليَّ؟ رُدَّه إليه، قال: فردَدْتُه إليه، وأخبرتُه بما قالت، فقال: أراد قتلي فما كنتُ أصنع (١)؟!
ذكر جَهاز عائشة إلى المدينة
قال سيف: وجَهَّز أمير المؤمنين عائشة أحسنَ جَهاز؛ بكلِّ شيءٍ يَنبغي لها من مَركب وزادٍ ومَتاع، وأخرج معها كلَّ من نجا ممن خرج معها إلا من أحبَّ المقام، واختار لها أربعين امرأةً من نساء أهل البصرة المعروفات، وقال: يا محمد، تَجهَّز معها.
فلما كان اليوم الذي تَرتحل فيه جاءها فوقف لها، وحضر الناس، وخرجت فودَّعها ووَدَّعتهم وقالت: يا بَنيّ، والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه على مَعتبتي عليه عندي لمن الأخيار، وذكرتْ كلامًا في هذا المعنى.
وقال علي: أيها الناس، صَدقتْ والله وبَرَّت، ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لَزوجةُ نبيكم في الدنيا والآخرة.
فخرجت يوم السبت غُرَّة رجب سنة ستّ وثلاثين، وشيَّعها علي أميالًا، وسَرَّح بنيه معها يومًا. وهذه رواية سيف عن محمد وطلحة.
وقد اختلفوا في جهاز عائشة، فقال الواقدي: أعطاها علي اثني عشر ألفًا، فاستقلّها عبد الله بن جعفر، فدفع إليها ضِعفها.
وقال أبو اليَقظان: أرسل علي عبد الله بنَ عباس إلى عائشة يَأمرها بالمسير إلى المدينة، فدخل عليها عبد الله بغير إذنها، فوجد عندها وِسادة فقعد عليها، فقالت له: