للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قريش بأجمعها، فأخبرهم الخبر وركب وركبوا معه، وقالوا: إن تسنَّمت جبلًا تسنمناه معك، وإن خُضْتَ البحر خضناه، ثم خرج إلى أعلى مكة وأسفلها فلم يجد شيئًا. فأتى إلى الكعبة، وطاف أسبوعًا، ثم قال: [من الرجز]

يا ربِّ اُرْدُدْ ولدي محمدًا … رُدَّهْ إليَّ واتَّخِذْ عندي يدا

فسمع مناديًا من السماء: أيها الناس، إن لمحمد ربًا لا يضيعه. فقال عبد المطلب: وأين هو؟ قال: بوادي تهامة عند شجرة اليمن، فخرج عبد المطلب ولقيه ورقة بن نوفل، وسارا جميعًا إلى ذلك المكان، وإذا به تحت الشجرة، فاحتمله عبد المطلب على قَرَبوس سَرْجِه، وعاد به إلى مكة، فذلك قوله تعالى: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)[الضحى: ٧] على أحد الأقوال (١).

وأما حليمة، فإنها أسلمت وأسلم زوجها، وقدمت مكة بعد ما تزوج رسول الله خديجة ، فشكت إليه جَدْبَ البلاد، فكلم خديجة فأعطتها أربعين شاة وبعيرًا، ثم قدمت عليه بعد النبوة فأسلمت.

قال الواقدي: لما قدمت عليه، قال: أمي أمي، وبسط لها رداءه فجلست عليه (٢).

* * *

السنة السادسة من مولده -

وفيها توفيت والدته .

قال الزهريّ: لما بلغ رسول الله ست سنين، خرجت به أمه إلى المدينة إلى أخواله من بني عَديِّ بن النجار، فنزلت دار النابغة (٣) الجعدي التي مات فيها أبوه،


(١) تفسير الثعلبي ١٠/ ٢٢٦ - ٢٢٨، وانظر "دلائل النبوة" للبيهقي ١/ ١٤٢ - ١٤٣، وقد أخرج القصة مختصرة، ابن سعد في "الطبقات" ١/ ٩١ - ٩٢، والبلاذري في "أنساب الأشراف" ١/ ٩٣ - ٩٤، وابن الجوزي في "المنتظم" ٢/ ٢٦٩. وانظر "سمط النجوم العوالي" ١/ ٢٦٧.
(٢) انظر "الطبقات الكبرى" ١/ ٩٣.
(٣) كذا هي في الأصول الخطية، وضبطها صاحب "السيرة الشامية" ١/ ٤٠٠: التابعة بالتاء، وعند الطبري ٢/ ٢٤٦ بالروايتين، وانظر المنتظم ٢/ ٢٧٢، والوفا ١١٤.