للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى الأيام من بعدكُمُ … ما على الثكلاء من لبس الحداد

وحديثٍ عنكُمُ أكثره … عن نسيمِ الرِّيح أو بَرْقِ الغوادِ

لم يزدنا القُرْبُ إلا هَجْرَهُ … فرضينا بالتَّنائي والبِعادِ

وقال: [من المتقارب]

صهٍ كلُّ آتٍ قريبُ المدى .. وكلُّ حياةٍ إلى منتهى

ولم أر كالمرءِ وهو اللَّبيبُ … يرى مِلءَ عَينيه ما لا يُرى

وليس النواظر إلا القلوبُ … وأما العيون ففيها العمى

خليليَّ هل ينفعنِّي البكا … أو الوَجْدُ لي راجعٌ ما مضى

هلموا فذا مصرع العالمين … ففي كلِّ قلبٍ عليه أسى

ضريحٌ سَقَتْه غِزارُ الدُّموعِ … فما باتَ حتَّى سقاه الحَيَا

وما جادَهُ الغيثُ من غُلَّةٍ … ولكن ليبكِ النَّدى بالنَّدى

وقال في مرض بعض الأمراء: [من البسيط]

يا خير ملتحف بالجودِ والكَرَمِ … وأفضل النَّاس من عُرْبٍ ومن عَجَمِ

يا ابنَ الهدى والندى والمكرمات معًا … والحِلْم والعِلْم والآداب والحِكَمِ

لو كنت أُعطى المني فيما أُوَمّلُهُ … حَمَلْتُ عنك الَّذي حُمِّلْتَ من ألم

الله يعلمُ أَنِّي مُذْ سمعتُ بما … عَرَاكَ لم أغتمضْ وَجْدًا ولم أَنَمِ

أدعو وطورًا أجيل الوَجْهَ مُبْتهلًا … على صعيد الثَّرى في حِنْدسِ الظُّلَمِ

مودود بن زَنْكي (١)

[ولقبه] (٢) قُطْبُ الدِّين، [أخو نور الدين محمود]، (٢) حيث حبُ المَوْصِل.

كان أسمَرَ اللون، تامَّ القامة، عادلًا، منصفًا، ولما احْتُضِرَ أوصى إلى ولده عماد الدين زنكي، وكان أكبرَ ولده وأعزَّهم عليه، وكان الحاكم على المَوْصل فخر الدين عبد المسيح، وكان يكره عمادَ الدين، وكان عمادُ الدين قد أقام عند نور الدّين بحلب


(١) له ترجمة في "الكامل": ١١/ ٣٥٥ - ٣٥٦، و"الباهر": ٩٤، ١٤٦، و"الروضتين": ٢/ ١٦١ - ١٦٥، "وفيات الأعيان": ٥/ ٣٠٢ - ٣٠٣، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٥٢١ - ٥٢٢، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).