[ذكر اتفاق عمرو بن العاص ومعاوية على أمير المؤمنين في هذه السنة]
واختلفوا فيه، روى سيف بن عمر، عن محمد وطلحة وأبي حارثة وأبي عثمان قالوا: لما أُحيط بعثمان خرج عمرو بن العاص من المدينة إلى الشام، وقال: يا أهلَ المدينة، والله لا يُقيم بها أحدٌ فيُدرِكه قَتلُ هذا الرجل إلا ضربه الله بذُلّ، مَن لم يستطع نصرَه فليذهب، فسار ومعه ابناه عبد الله ومحمد، وتتابع الناس على ذلك إلا من شاء الله.
فنزل بقصر العَجْلان، وقيل: نزل بفِحْل، فبينما هم على ذلك إذ مرَّ بهم راكبٌ، فقالوا: من أين؟ قال: من المدينة، قال له عمرو: ما اسمُك؟ قال: حصيرة، قال: حُصِر الرجل، فمر بهم راكب آخر فقال: ما اسمك؟ فقال: قَتّال، قال عمرو: قُتِل الرجل، فمر بهم راكب آخر فقال له: ما اسمك؟ قال: حَرْب، قال عمرو: يكون حرب، ثم سأله فقال: قُتل عثمان، فارتحل عمرو ومعه ابناه، وهو يبكي كما تبكي المرأة ويقول: واعثماناه، أنعى الحياءَ والدين، حتى قدم دمشق.
وفي رواية: فقال له ابنه عبد الله: توفي رسول الله ﷺ وهو عنك راض، وكذا أبو بكر وعمر، وأرى أن تكُفَّ يدَك، وتجلس في بيتك، حتى يَجتمعَ الناس على إمام فتبايعه، وقال له ابنه محمد: أنت نابٌ من أنياب العرب، فلا أرى أن يَجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صَوتٌ ولا ذِكر. فقال عمرو: أما أنت يا عبد الله فأمرتَني بالذي هو خيرٌ لي في آخرتي، وأسلم لي في ديني، وأما أنت يا محمد فأمرتَني بما فيه خيرٌ لي في دُنياي، وشرٌّ لي في آخرتي.
ثم خرج عمرو ومعه ابناه حتى قدم على معاوية، فوجد أهلَ الشام يَحضُّون معاويةَ على الطَّلبِ بدم عثمان، فقال عمرو: أنتم على الحق، اطلبوا بدم الخليفة المظلوم، ومعاوية لا يَلتفتُ إليه، ولا يَعبَأُ بقوله لما بلغه عنه، فقال له ابناه: ألا ترى إلى معاوية لا يلتفتُ إلى قولك! انصرف إلى غيره.
فدخل عمرو على معاوية، فقال له: عجبًا لك! أنا أرفِدُك بما أرفدك وأنت مُعرضٌ عني؟! أما والله لئن قاتَلْنا معك بطلب دم عثمان إن في النفس من ذلك ما فيها؛ حيث نقاتل من نَعلم سابقتَه وفضلَه وقرابتَه، ولكنا إنما أردنا هذه الدنيا، فصالحه معاوية