للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها أمر المهديُّ بإِقامة البريدِ من اليمن إلى مكَّة، ومن مكَّةَ إلى بغداد، ولم يكن قبل ذلك.

وفيها أُتي المهديُّ بجماعةٍ من الأَعيان اتُّهموا بالزَّندقة، فاستتابهم المهديُّ وأطلقهم، وكان منهم داودُ بن رَوح بنِ حاتم، وكان أبوه روحُ بن حاتِمٍ عاملًا عَلى البصرة، فمنَّ المهديُّ على داود، ثم أَرسله إلى أَبيه وقال له: أَدِّب ولدَك.

وحجَ بالنَّاس إبراهيمُ بن يحيى بنِ محمدٍ وهو على المدينة، واللهُ أعلم.

وفيها توفِّي

خالدُ بن بَرْمَك، أبو العباس

ولد سنةَ تسعين، وكان يختلف إلى محمَّد بنِ عليٍّ (١) بالحُمَيمة، فلما مات محمدٌ اختلف إلى إبراهيمَ الإِمام، ولما قُتل أبو سَلَمةَ الخلَّالُ أمره أبو العباسِ أن يقرأَ الكتبَ عليه ويُجيبَ عنها، ولم يزل أمرُه يعلو حتَّى تُوفِّي السفَّاح وهو كاتبُه (٢)، وكان يكره هو والعقلاءُ أن يقال: الوزير؛ لقول سليمانَ بنِ مهاجرٍ في قتل أبي سَلَمة: [من الكامل]

إنَّ الوزيرَ وزيرَ آلِ مُحَمَّدٍ … أَودَى فمَن يشناك كان وزيرًا

وأمُّ خالد بنتُ يزيدَ امرأةُ خالدِ بن بَرْمكَ أَرضعت ريطةَ بنتَ السَّفَّاح بلِبان أمِّ يحيى بنتِ خالد، وأَرضعت أمُّ سلمةَ المخزوميةُ زوجةُ السفَّاح أمَّ يحيى بنتَ خالدٍ بلِبان ابنتِها ريطة، فدخل خالدٌ يومًا على السفَّاح، فقال له: يَا خالد، أَمَا رضيتَ حتَّى استخدمتَي؟ ففزع خالد وقال: كيف وأنا عبدُك؟! فضحك وقال: ريطة ابنتي تنام مع ابنتك أمِّ يحيى في مكانٍ واحد، فأَنتبهُ بالليل وقد انكشفتا، فأَقوم فأمدُّ اللِّحافَ عليهما، فقبَّل خالدٌ يديه وقال: مولًى يؤجَر في عبده وأَمَته. وأمُّ خالدِ بن بَرْمك أَمَةُ الله بنتُ صُول.

ولما تُوفِّي أبو العباسِ أقرَّه أبو جعفرٍ على وزارته مُدَيدة، ثم استوزر أَبا أيوبَ المورياني، وكان أبو جعفرٍ يأنس بخالد، وكان أبو أيوبَ يحسُده، فأراد أن يُبعدَه عنه،


(١) هو والد السفاح. انظر تاريخ دمشق ٥/ ٤١٣ (مخطوط)، وتاريخ الإِسلام ٤/ ٣٥٠.
(٢) تاريخ الطبري ٧/ ٤٥٠.