للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في المتعة]

حدَّث الربيع بن سَبْرَةَ الجُهَنيُّ عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله عام الفتح فأقمنا خمس عشرة ما بين يوم وليلة، فأذن لنا رسول الله في المتعة، فخرجت أنا وابنُ عمٍّ لي، فلقينا فَتاةً من بني عامر بن صعصعةَ كأنها البكرة وأنا قريب من الدَّمامة، وعليّ برد جديد وعلى ابن عمي بُرْدٌ خَلَق وابنُ عمي وَسيمٌ، فقلنا لها: هل لك أن يستمتع منك أحدُنا؟ قالت: وهل يصلح ذلك؟ قُلنا: نعم، فجعلت تنظرُ إلى ابن عمي، فقلتُ لها: بُردي هذا بُرْدٌ جَديد وبرد ابن عمي خلَقٌ، قالت: برد ابن عمك لا بأس به، فاستمتع منها، فلم نَخْرجْ من مكة حتى حرَّمها رسول الله (١).

قال المصنفُ : وقد اختلف الناس في جواز المتعة، فعامة العلماء على أنها باطلة، وروي جوازها عن جماعة منهم علي (٢)، وابن عباس (٣)، وجابر بن عبد الله (٤)، وأبي سعيد الخدري (٥) وعطاء بن أبي رباح، وابن جُرَيْج، وابن أبي مُليكة، وطاووس (٦) وحكاه أصحابنا.

قال ابن عبد البَرِّ: حرَّم مالكٌ المتعة في أهل المدينة والشافعي في أهل الحجاز، وأبو حنيفة في أهل الكوفة، والأوزاعي في أهل الشام، والليث في أرض مصر،


(١) أخرجه مسلم (١٤٠٦) (٢٠)، وأحمد في "مسنده" (١٥٣٤٦).
(٢) لم نقف على قول لعلي بن أبي طالب في جواز المتعة، بل ورد عنه النهي عنها، وهو، كما سيذكره المصنف بعد قليل، دليل على أن علي بن أبي طالب يرى النسخ كما قال البخاري عقب (٥١١٩): وقد بينه علي عن النبي أنه منسوخ.
(٣) أخرجه البخاري (٥١١٦) عن أبي حمزة قال: سمعت ابن عباس يسأل عن متعة النساء، فرخص، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة أو نحوه؟ قال: نعم.
وقال الترمذي عقب (١١٢١): وإنما روى عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة، ثم رجع عن قوله حيث أخبر عن النبي ، وسيذكر المصنف عدول ابن عباس عن هذه الرخصة.
(٤) أخرجه البخاري (٥١١٧)، ومسلم (١٤٠٥) عن جابر وسلمة بن الأكوع قالا: خرج علينا منادي رسول الله فقال: إن رسول الله قد أذن لكم أن تستمتعوا يعني متعة النساء.
(٥) ذكره ابن قدامة في "المغني" ٧/ ١٣٦.
(٦) انظر "المغني" ٧/ ١٣٦.