عُمان بعد رجوعه من حجة الوداع يدعوهما إلى الإسلام، قال عمرو: فلما قدمت البحرين بدأت بعبد، وكان أرقَّهما وأسهلهما خلقًا، وكان الكتاب مختومًا، فقال عبد: إن أخي أكبر سنًا مني، وهو الملك، ولكن أوصلك إليه، فأوصلني إلى جَيْفَر، فناولته الكتاب، فقرأه، ودفعه إلى أخيه عبد، وقال: أنا أضعف العرب إن ملَّكتُ ما في يَدي غيري، فقلت: أنا راجع غدًا، فلما كان من الغد دعاني، فأسلما، وخلَّيا بيني وبين الصدقة، فأخذتها من أغنيائهم، فدفعتها إلى فقرائهم.
قال ابن الكلبي: وهو آخر بعث بعثه رسول الله ﷺ.
وفيها توفي
إبراهيم ﵇ ابن رسول الله ﷺ -
وأمه مارية القبطية، يوم الثلاثاء لعشر خلون من ربيع الأول، وقيل: سلخه، وولد ﵇ في ذي القعدة سنة ثمان من الهجرة، فكان عمره ستة عشر شهرًا [وبعضهم يقول: عاش شهرين وعشرة أيام، وهو وهم]، وغسّله الفضل بن العباس، وقيل: أم درة.
[وقال أحمد بإسناده، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "وُلد لي الليلةَ غلامٌ فسميتُه إبراهيمَ … " وقد ذكرنا أول الحديث في مولدِ إبراهيم في سنة ثمان، وإنه دفعه إلى أم سيف امرأة قين يقال له: أبو سيف … وذكر الحديث، وقال في آخره: فلقد رأيته بين يدي رسول الله ﷺ وهو يكيد بنفسه، فدمعت عينا رسول الله ﷺ وقال:"تَدمعُ العينُ، ويَحزنُ القلبُ، ولا نقولُ إلَّا ما يَرْضَى ربُّنا، والله إنَّا بكَ يا إبراهيمُ لَمحْزُونُونَ" أخرجه مسلم بلفظه، والبخاري بمعناه مختصرًا، وفيه: إن عبد الرحمن بن عوف قال حين بكى: وأنت يا رسول الله؟ فقال:"يا ابنَ عوفٍ؛ إنَّها رَحمةٌ"(١)].
وقال الإمام أحمد رحمة الله عليه: حدَّثنا إسماعيل، حدَّثنا أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن أنسٍ قال: ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله ﷺ، كان إبراهيم مُسترضعًا في عَوالي المدينة، فكان ينطلقُ ونحن معه، فيدخلُ البيتَ، وإنه ليُدَّخَن، وكان ظِئره قينًا فيأخذُه فيقبله، ثم يرجع. قال عمرو: فلما توفي إبراهيم، قال رسول الله
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٣٠١٤)، ومسلم (٢٣١٥)، والبخاري (١٣٠٣)، وما بين معقوفات زيادة من (ك).