للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر سِنِّه: حكاه الواقدي عن أشياخه قال: تُوفّي أبو بكرٍ وهو ابن ثلاثٍ وستين سنةً، قال الواقدي: وهو الثَّبت عندنا، قال: لأنه ولد بعد رسولِ اللَّه بثلاث سنين (١)، وقيل: ابن ستين سنةً. والأوَّل أصحُّ، وعليه عامّةُ أربابِ السِّيَرِ.

ذكر خلافته: قال الواقدي: أقام خليفةً سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليالٍ.

وقال هشام: سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليالٍ.

ذكر النَّوح عليه: ذكر ابن سعدٍ أن عائشة أقامت النَّوْح عليه، فبلغ عمر بن الخطاب، فجاء فنهاها، فأبت، فقال لهشام بن الوليد: ادخل على ابنة أبي قُحافة، فاضربها بالدِّرّة، فدخل فعلاها ضَرْبًا، فتفرَّق النوائح، ثم قال عمر: أردْتُنّ أن تُعذِّبْنَ أبا بكرٍ بنَوحكنَّ عليه، أو ببكائكنَّ عليه، إن رسول اللَّه قال: "إنَّ الميّت لَيُعَذَّبُ ببكاء أهله عليه" (٢).

وذكر أبو جعفر الطبري في تاريخه (٣) أن المضروبة هي أمُّ فروة أخت أبي بكرٍ، وقال عمر لهشام: ادخل فأخرجها من بيت عائشة، فدخل فقالت له عائشةُ: اخرج من بيتي، فأخرج أمَّ فروة، ثم ضربها ثلاث دررٍ.

قلتُ: وهذا الأصحُّ؛ لأن عمر ما كان يَجهل فضلَ عائشة، وأنها أمُّ المؤمنين وزوجةُ النبيّ ، وقد كانت مُحْتَرمةً بين الصحابةِ، فكيف يضربها بالدِّرَّة وهي أمّه؟ وقولُ عمر: ابنة أبي قُحافة يدلُّ عليه؛ لأن ابنة أبي قُحافة هي أمُّ فروة لا عائشة. وقوله: "إن الميِّت ليُعذَّب ببكاء أهله عليه"، قد أنكر هذا ابنُ عباسٍ، ولو سلم كان معناه إذا أوصى بذلك، وإلّا فلا ذَنبَ للميت (٤).

ذكر ثناءِ عليّ عليه: حدثنا غيرُ واحدٍ قالوا: حدثنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القَزّاز بإسناده، عن أَسِيد بن صفوان قال: لما قُبضَ أبو بكرٍ وسُجّي، ارتجَّت المدينةُ بالبكاء كيوم قُبِض رسولُ اللَّه ، فجاء عليُّ بن أبي طالب


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٠٢.
(٢) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٠٨ - ٢٠٩، وأخرج الحديث أحمد (١٨٠)، والبخاري (١٢٩٢)، ومسلم (٩٢٧).
(٣) فيه ٣/ ٤٢٣.
(٤) انظر شرح النووي لصحيح مسلم ٦/ ٢٢٨، وفتح الباري ٣/ ١٦١.