وسار السُّلْطان، فنزل عسقلان، فأجَمَعَ الأمراءُ على خرابها، فبكى السُّلْطان وقال: والله إن فقد أولادي أهون علي من خرابها [أو من نقض حجر منها](١). قالوا: أَخْرِبْها وإلا جرى عليها ما جرى على عكا، وهذه بين القُدْس ويافا، ولا يمكن حفظ الموضعين، [فاختر أيهما شئت](١). وجاء الخبر بنزول الفرنج على يافا، فأمر بخراب عَسْقلان، وكان فيها شيءٌ كثير، فأباحه للمسلمين، فنهبوه، وأخربوا بعض السور، والسُّلْطان يبكي وينتحب.
وبعث الإنكتار يعرض على العادل أن يزوِّجَه بأُخته، فأجاب [العادل](١)، فاجتمع الأقسَّاء، وأوقفوا الحال، وقالوا: إن تنصَّر العادل، ودخل في دينها وإلا غَضِبَ المسيح، [على الإنكتار، فتوقف الحال إلا على ما ذكر الأقساء](١)، وكان الإنكتار يجتمع بالعادل [في](١) كل وقتٍ، ويتهاديا، [وكان](١) خديعة من الاثنين، وبعث الإنكتار إلى السُّلْطان يقول: لا بُدَّ من القُدْس وصليب الصَّلبوت، فادْفعهُما إلينا، ولك من قاطعِ الأردن إلى ناحية الشَّرْق. فقال السُّلْطان: أما القُدْس فهو عندنا أعظمُ مما هو عندكم، لأنه مسرى نبينا ﷺ، ومجمع الملائكة، فلا يتصور أن نَنْزِلَ عنه، وأما صليب الصَّلبوت فهلاكه عندنا قربة عظيمة، فلا يجوز أن نفرطَ فيه إلا لمصلحةٍ راجعة إلى الإِسلام هي أوفى منه، فقال إنكتار للعادل: اجمع بيني وبين السُّلْطان، فقال له: الملوك إذا اجتمعوا تقبح الحرب بينهم بعد ذلك، فإذا انتظم الصُّلْح حَسُنَ الاجتماع.
وعاد الفرنج إلى الرَّملة، وطَلَعَ السُّلْطان إلى القدس في ذي القَعْدة، وأخذ في تحصينه، [وشرع](١) ينقل الحجارة هو وأولاده على أكتافهم، وأُمراؤه وأجناده [كذلك](١)، والقضاة والعلماء والفقراء والعامة والخاصَّة.
وفيها وَرَدَ كتابُ الخليفة يطلب الفاضل ليقرِّر معه أمورًا، فاعتذر السُّلْطان بكثرةِ أمراض الفاضل، وضَعْفه عن الحركة.